الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون وإذا مروا بهم يتغامزون وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء لضالون وما أرسلوا عليهم حافظين فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون على الأرائك ينظرون هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون

                                                                                                                                                                                                                                        وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين قرأ عاصم في رواية حفص فكهين بغير ألف وقرأ غيره بألف ، وفي القراءتين أربعة تأويلات : أحدها : فرحين ، قاله السدي .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : معجبين ، قاله ابن عباس ، ومنه قول الشاعر


                                                                                                                                                                                                                                        وقد فكهت من الدنيا فقاتلوا يوم الخميس بلا سلاح ظاهر



                                                                                                                                                                                                                                        الثالث : لاهين .

                                                                                                                                                                                                                                        الرابع : ناعمين ، حكى هذين التأويلين علي بن عيسى . وروى عوف عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (قال ربكم عز وجل : وعزتي لا أجمع على عبدي خوفين ، ولا أجمع له أمنين ، فإذا خافني في الدنيا أمنته يوم القيامة ، وإذا أمنني في الدنيا أخفته يوم القيامة) . هل ثوب الكفار ما كانوا يفعلون هذا سؤال المؤمنين في الجنة عن الكفار حين فارقوهم ، وفيه تأويلان :

                                                                                                                                                                                                                                        أحدهما : معناه هل أثيب الكفار ما كانوا يعلمون في الكفر ، قاله قتادة .

                                                                                                                                                                                                                                        الثاني : هل جوزي الكفار على ما كانوا يفعلون ، قاله مجاهد . فيكون (ثوب) مأخوذا من إعطاء الثواب . ويحتمل تأويلا ثالثا : أن يكون معناه هل رجع الكفار في الآخرة عن تكذيبهم في الدنيا على وجه التوبيخ ، ويكون مأخوذا من المثاب الذي هو الرجوع ، لا من الثواب الذي هو الجزاء ، كما قال تعالى : وإذ جعلنا البيت مثابة للناس أي مرجعا . ويحتمل تأويلا رابعا : هل رجع من عذاب الكفار على ما كانوا يفعلون ، لأنهم قد علموا أنهم عذبوا ، وجاز أن يظنوا في كرم الله أنهم قد رحموا .

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية