الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 221 ] ( الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين ( 67 ) يا عباد لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون ( 68 ) الذين آمنوا بآياتنا وكانوا مسلمين ( 69 ) ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم تحبرون ( 70 ) يطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون ( 71 ) )

                                                                                                                                                                                                                                      ( الأخلاء ) على المعصية في الدنيا ( يومئذ ) يوم القيامة ( بعضهم لبعض عدو إلا المتقين ) إلا المتحابين في الله - عز وجل - على طاعة الله - عز وجل - .

                                                                                                                                                                                                                                      أخبرنا أحمد بن إبراهيم الشريحي ، أخبرنا أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي ، أخبرني عقيل بن محمد بن أحمد ، أن أبا الفرج البغدادي القاضي أخبرهم عن محمد بن جرير ، حدثنا ابن عبد الأعلى ، عن قتادة ، حدثنا أبو ثور عن معمر عن قتادة عن أبي إسحاق أن عليا قال في هذه الآية : خليلان مؤمنان وخليلان كافران ، فمات أحد المؤمنين فقال : يا رب إن فلانا كان يأمرني بطاعتك وطاعة رسولك ، ويأمرني بالخير وينهاني عن الشر ، ويخبرني أني ملاقيك ، يا رب فلا تضله بعدي واهده كما هديتني وأكرمه كما أكرمتني ، فإذا مات خليله المؤمن جمع بينهما ، فيقول : ليثن أحدكما على صاحبه ، فيقول : نعم الأخ ، ونعم الخليل ، ونعم الصاحب ، قال : ويموت أحد الكافرين ، فيقول : يا رب إن فلانا كان ينهاني عن طاعتك وطاعة رسولك ، ويأمرني بالشر وينهاني عن الخير ، ويخبرني أني غير ملاقيك ، فيقول بئس الأخ ، وبئس الخليل ، وبئس الصاحب .

                                                                                                                                                                                                                                      ( يا عباد ) أي فيقال لهم : يا عبادي ( لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون ) وروي عن المعتمر بن سليمان عن أبيه قال : سمعت أن الناس حين يبعثون ليس منهم أحد إلا فزع ، فينادي مناد : " يا عباد لا خوف عليكم اليوم ولا أنتم تحزنون " فيرجوها الناس كلهم فيتبعها : ( الذين آمنوا بآياتنا وكانوا مسلمين ) فييأس الناس منها غير المسلمين فيقال لهم : ( ادخلوا الجنة أنتم وأزواجكم تحبرون ) تسرون وتنعمون .

                                                                                                                                                                                                                                      ( يطاف عليهم بصحاف ) جمع صحفة وهي القصعة الواسعة ( من ذهب وأكواب ) جمع كوب وهو إناء مستدير مدور الرأس لا عرى لها ( وفيها ) أي في الجنة ( ما تشتهيه الأنفس ) قرأ أهل المدينة والشام وحفص : ( تشتهيه ) وكذلك في مصاحفهم ، وقرأ الآخرون بحذف الهاء . ( وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون ) . [ ص: 222 ]

                                                                                                                                                                                                                                      أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن أبي توبة ، أخبرنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن الحارث ، أخبرنا محمد بن يعقوب الكسائي ، أخبرنا عبد الله بن محمود ، أخبرنا إبراهيم بن عبد الله الخلال ، حدثنا عبد الله بن المبارك ، عن سفيان ، عن علقمة بن مرثد ، عن عبد الرحمن بن سابط قال : قال رجل : يا رسول الله أفي الجنة خيل ؟ فإني أحب الخيل ، فقال : " إن يدخلك الله الجنة لا تشاء أن تركب فرسا من ياقوتة حمراء فتطير بك في أي الجنة شئت ، إلا فعلت " ، فقال أعرابي : يا رسول الله أفي الجنة إبل ؟ فقال : " يا أعرابي إن يدخلك الله الجنة أصبت فيها ما اشتهت نفسك ولذت عينك " .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية