الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            وروى ابن سعد عن برة بنت أبي تجراة- بكسر الفوقانية وسكون الجيم- قالت : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أراد الله كرامته وابتدأه بالنبوة كان إذا خرج لحاجته أبعد حتى لا يرى بيتا ويفضي إلى الشعاب وبطون الأودية فلا يمر بحجر ولا شجر إلا قال : السلام عليك يا رسول الله . وكان يلتفت عن يمينه وشماله وخلفه فلا يرى أحدا .

            وروى الإمام أحمد ومسلم عن جابر بن سمرة رضي الله تعالى عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إني لأعرف حجرا كان يسلم علي قبل أن أبعث إني لأعرفه الآن» .

            وقال عبد الملك بن عبد الله بن أبي سفيان العلاء بن جارية- بجيم وراء- الثقفي ، وكان واعية ، عن بعض أهل العلم ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أراد الله تعالى كرامته وابتدأه بالنبوة كان إذا خرج لحاجته أبعد حتى تحسر عنه البيوت ويفضي إلى شعاب مكة وأوديتها فلا يمر بحجر ولا شجر إلا قال : السلام عليك يا رسول الله . فيلتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه وعن يمينه وعن شماله فلا يرى إلا الشجر وما حوله من الحجارة وهي تحييه بتحية النبوة : السلام عليك يا رسول الله .

            رواه ابن إسحاق .

            وروى ابن سعد عن هشام بن عروة عن أبيه رحمهما الله تعالى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : يا خديجة إني أرى ضوءا وأسمع صوتا لقد خشيت أن أكون كاهنا . قالت : إن الله تعالى لا يفعل ذلك بك إنك تصدق الحديث وتؤدي الأمانة وتصل الرحم .

            وروى ابن الجوزي عن ابن عباس قال : أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة خمس عشرة سنة :

            سبعا يرى الضوء والنور ويسمع الصوت ، وثماني سنين يوحى إليه .

            وقال الخازن : وهذا إن صح فيحمل على سنتين قبل النبوة فيما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يراه من تباشير النبوة ، وثلاث سنين بعد النبوة قبل إظهار الدعوة وعشر سنين معلنا بالدعوة بمكة .

            تنبيهان

            الأول : قال السهيلي في بعض المسندات : إن هذا الحجر الذي كان يسلم على النبي صلى الله عليه وسلم هو الحجر الأسود .

            وهذا التسليم الأظهر فيه أن يكون حقيقة ويكون الله تعالى أنطقه إنطاقا ، كما خلق الحنين في الجذع . ولهذا مزيد بيان في المعجزات .

            الثاني : قال القاضي وغيره رحمهم الله تعالى : وإنما ابتدئ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرؤيا لئلا يفجأه الملك ويأتيه بصريح النبوة بغتة فلا تحملها القوى البشرية ، فبدئ بأوائل خصال النبوة وتباشير الكرامة ومن صدق الرؤيا وما جاء في الحديث الآخر من رؤية الضوءة وسماع الصوت وتسليم الحجر والشجر عليه بالنبوة حتى استشعر عظيم ما يراد به واستعد لما ينتظره فلم يأته الملك إلا بأمر عنده مقدماته . والله أعلم .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية