الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            الرابع : في أنها أول من أسلم

            روى الطبراني برجال ثقات عن بريك -رضي الله تعالى عنه- قال : خديجة أول من أسلم مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعلي بن أبي طالب .

            وروى الطبراني بإسناد لا بأس به عن قتادة بن دعامة -رحمه الله تعالى- قال : توفيت خديجة -رضي الله تعالى عنها- قبل الهجرة بثلاث سنين ، وهي أول من آمن بالنبي -صلى الله عليه وسلم- من النساء والرجال .

            وقال عبد الله بن محمد بن عقيل -رحمه الله تعالى- قال : كانت خديجة أول الناس إيمانا بما أنزل الله .

            وقال ابن شهاب -رحمه الله تعالى- : كانت خديجة أول من آمن بالله ، وصدق رسول الله قبل أن تفرض الصلاة .

            رواهما أبو بكر بن أبي خيثمة .

            وقال أبو عمر بن عبد البر : اتفقوا على أن خديجة -رضي الله تعالى عنها- أول من آمن .

            وقال أبو الحسن بن الأثير : خديجة أول خلق الله إسلاما بإجماع المسلمين ، لم يتقدمها رجل ولا امرأة ، وأقره الحافظ الناقد أبو عبد الله الذهبي ، وحكى الإمام الثعلبي اتفاق العلماء على ذلك ، وإنما اختلافهم في أول من أسلم بعدها بعد .

            وقال الإمام النووي -رحمه الله تعالى- : إنه الصواب عند جماعة من المحققين ، قال : فخفف الله بذلك عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فكان لا يسمع بشيء يكرهه من الرد عليه ، فيرجع إليها ، فتثبته وتهون عليه . وبادر إلى الاستجابة له صلى الله عليه وسلم صديقة النساء : خديجة بنت خويلد ، وقامت بأعباء الصديقية وقال لها : ( لقد خشيت على نفسي ، فقالت له : أبشر فوالله لا يخزيك الله أبدا ) ثم استدلت بما فيه من الصفات الفاضلة والأخلاق والشيم على أن من كان كذلك لا يخزى أبدا ، فعلمت بكمال عقلها وفطرتها أن الأعمال الصالحة والأخلاق الفاضلة والشيم الشريفة تناسب أشكالها من كرامة الله وتأييده وإحسانه ، ولا تناسب الخزي والخذلان ، وإنما يناسبه أضدادها ، فمن ركبه الله على أحسن الصفات ، وأحسن الأخلاق والأعمال إنما يليق به كرامته وإتمام نعمته عليه ، ومن ركبه على أقبح الصفات وأسوأ الأخلاق والأعمال إنما يليق به ما يناسبها ، وبهذا العقل والصديقية استحقت أن يرسل إليها ربها بالسلام منه مع رسوليه جبريل ومحمد صلى الله عليه وسلم .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية