الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            [ مشي قريش إلى أبي طالب ثالثة بعمارة بن الوليد المخزومي ]

            قال ابن إسحاق : ثم إن قريشا حين عرفوا أن أبا طالب قد أبى خذلان رسول الله صلى الله عليه وسلم وإسلامه ، وإجماعه لفراقهم في ذلك وعداوتهم ، مشوا إليه بعمارة بن الوليد بن المغيرة ، فقالوا له - فيما بلغني - يا أبا طالب ، هذا عمارة بن الوليد ، أنهد فتى في قريش وأجمله ، فخذه فلك عقله ونصره ، واتخذه ولدا فهو لك ، وأسلم إلينا ابن أخيك هذا ، الذي قد خالف دينك ودين آبائك ، وفرق جماعة قومك ، وسفه أحلامهم ، فنقتله ، فإنما هو رجل برجل ؛ فقال : والله لبئس ما تسومونني أتعطونني ابنكم أغذوه لكم ، وأعطيكم ابني تقتلونه هذا والله ما لا يكون أبدا . قال : فقال المطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف بن قصي : والله يا أبا طالب لقد أنصفك قومك ، وجهدوا على التخلص مما تكرهه ، فما أراك تريد أن تقبل منهم شيئا ؛ فقال أبو طالب للمطعم : والله ما أنصفوني ، ولكنك قد أجمعت خذلاني ومظاهرة القوم علي ، فاصنع ما بدا لك ، أو كما قال . فحقب الأمر ، وحميت الحرب ، وتنابذ القوم ، وبادى بعضهم بعضا . [ شعر أبي طالب في التعريض بالمطعم ومن خذله من بني عبد مناف ]

            فقال أبو طالب عند ذلك ، يعرض بالمطعم بن عدي ، ويعم من خذله من بني عبد مناف ، ومن عاداه من قبائل قريش ، ويذكر ما سألوه ، وما تباعد من أمرهم :

            :


            ألا قل لعمرو والوليد ومطعم ألا ليت حظي من حياطتكم بكر     من الخور حبحاب كثير رغاؤه
            يرش على الساقين من بوله قطر     تخلف خلف الورد ليس بلاحق
            إذا ما علا الفيفاء قيل له وبر     أرى أخوينا من أبينا وأمنا
            إذا سئلا قالا إلى غيرنا الأمر     بلى لهما أمر ولكن تجرجما
            كما جرجمت من رأس ذي علق الصخر     أخص خصوصا عبد شمس ونوفلا
            هما نبذانا مثل ما ينبذ الجمر     هما أغمزا للقوم في أخويهما
            فقد أصبحا منهم أكفهما صفر     هما أشركا في المجد من لا أبا له
            من الناس إلا أن يرس له ذكر     وتيم ومخزوم وزهرة منهم
            وكانوا لنا مولى إذا بغي النصر     فوالله لا تنفك منا عداوة
            ولا منهم ما كان من نسلنا شفر     فقد سفهت أحلامهم وعقولهم
            وكانوا كجفر بئس ما صنعت جفر

            قال ابن هشام : تركنا منها بيتين أقذع فيهما .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية