الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            [ انتشار ذكر الرسول في القبائل ، ولا سيما في الأوس والخزرج ]

            فلما انتشر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في العرب ، وبلغ البلدان ، ذكر بالمدينة ، ولم يكن حي من العرب أعلم بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ذكر ، وقبل أن يذكر من هذا الحي من الأوس والخزرج ، وذلك لما كانوا يسمعون من أحبار اليهود ، وكانوا لهم حلفاء ، ومعهم في بلادهم . فلما وقع ذكره بالمدينة ، وتحدثوا بما بين قريش فيه من الاختلاف . قال أبو قيس بن الأسلت . أخو بني واقف . قصيدة يعظم فيها الحرمة ، وينهى قريشا فيها عن الحرب ، ويأمرهم بالكف بعضهم عن بعض ، ويذكر فضلهم وأحلامهم ، ويأمرهم بالكف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ويذكرهم بلاء الله عندهم ، ودفعه عنهم الفيل وكيده عنهم ، فقال :

            :


            يا راكبا إما عرضت فبلغن مغلغلة عني لؤي بن غالب     رسول امرئ قد راعه ذات بينكم
            على النأي محزون بذلك ناصب     وقد كان عندي للهموم معرس
            فلم أقض منها حاجتي ومآربي     نبيتكم شرجين كل قبيلة
            لها أزمل من بين مذك وحاطب     أعيذكم بالله من شر صنعكم
            وشر تباغيكم ودس العقارب     وإظهار أخلاق ونجوى سقيمة
            كوخز الأشافي وقعها حق صائب     فذكرهم بالله أول وهلة
            وإحلال أحرام الظباء الشوازب     وقل لهم والله يحكم حكمه
            ذروا الحرب تذهب عنكم في المراحب     متى تبعثوها تبعثوها ذميمة
            هي الغول للأقصين أو للأقارب     تقطع أرحاما وتهلك أمة
            وتبري السديف من سنام وغارب     وتستبدلوا بالأتحمية بعدها
            شليلا وأصداء ثياب المحارب     وبالمسك والكافور غبرا سوابغا
            كأن قتيريها عيون الجنادب     فإياكم والحرب لا تعلقنكم
            وحوضا وخيم الماء مر المشارب     تزين للأقوام ثم يرونها
            بعاقبة إذ بينت ، أم صاحب     تحرق لا تشوي ضعيفا وتنتحي
            ذوي العز منكم بالحتوف الصوائب     ألم تعلموا ما كان في حرب داحس
            فتعتبروا أو كان في حرب حاطب     وكم قد أصابت من شريف مسود
            طويل العماد ضيفه غير خائب 287     عظيم رماد النار يحمد أمره
            وذي شيمة محض كريم المضارب     وماء هريق في الضلال كأنما
            أذاعت به ريح الصبا والجنائب     يخبركم عنها امرؤ حق عالم
            بأيامها والعلم علم التجارب     فبيعوا الحراب ملمحارب واذكروا
            حسابكم والله خير محاسب     ولي امرئ فاختار دينا فلا يكن
            عليكم رقيبا غير رب الثواقب     أقيموا لنا دينا حنيفا فأنتم
            لنا غاية قد يهتدى بالذوائب     وأنتم لهذا الناس نور وعصمة
            تؤمون ، والأحلام غير عوازب     وأنتم ، إذا ما حصل الناس ، جوهر
            لكم سرة البطحاء شم الأرانب     تصونون أجسادا كراما عتيقة
            مهذبة الأنساب غير أشائب     ترى طالب الحاجات نحو بيوتكم
            عصائب هلكى تهتدي بعصائب     لقد علم الأقوام أن سراتكم
            على كل حال خير أهل الجباجب     وأفضله رأيا وأعلاه سنة
            وأقوله للحق وسط المواكب     فقوموا فصلوا ربكم وتمسحوا
            بأركان هذا البيت بين الأخاشب     فعندكم منه بلاء ومصدق
            غداة أبي يكسوم هادي الكتائب     كتيبته بالسهل تمسي ورجله
            على القاذفات في رءوس المناقب     فلما أتاكم نصر ذي العرش ردهم
            جنود المليك بين ساف وحاصب     فولوا سراعا هاربين ولم يؤب
            إلى أهله ملحبش غير عصائب     فإن تهلكوا نهلك وتهلك مواسم
            يعاش بها ، قول امرئ غير كاذب

            قال ابن هشام : أنشدني بيته : وماء هريق ، وبيته : فبيعوا الحراب وقوله : ولي امرئ فاختار ، وقوله :


            على القاذفات في رءوس المناقب

            أبو زيد الأنصاري وغيره . قال ابن هشام : فأبو قيس بن الأسلت : من بني وائل ؛ ووائل ، وواقف ، وخطمة إخوة من الأوس . [ شعر حكيم بن أمية في صد قومه عن عداوة النبي صلى الله عليه وسلم ]

            قال ابن إسحاق : وقال حكيم بن أمية بن حارثة بن الأوقص السلمي ، حليف بني أمية وقد أسلم ، يورع قومه عما أجمعوا عليه من عداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان فيهم شريفا مطاعا :

            :


            هل قائل قولا هو الحق قاعد     عليه وهل غضبان للرشد سامع
            وهل سيد ترجو العشيرة نفعه     لأقصى الموالي والأقارب جامع
            تبرأت إلا وجه من يملك الصبا     وأهجركم ما دام مدل ونازع
            وأسلم وجهي للإله ومنطقي     ولو راعني من الصديق روائع

            التالي السابق


            الخدمات العلمية