الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          ومن تحجر مواتا لم يملكه ، وهو أحق به ، ووارثه بعده ، ومن ينقله إليه ، وليس له بيعه ، وقيل : له ذلك ، فإن لم يتم إحياؤه ، قيل له : إما أن تحييه أو تتركه ، فإن طلب الإمهال أمهل الشهرين والثلاثة ، فإن أحياه غيره فهل يملكه ؛ على وجهين .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( ومن تحجر مواتا ) تحجر الموات : الشروع في إحيائه من غير أن يتمه ، مثل أن يحيط حول الأرض ترابا أو بجدار صغير ، أو يحفر بئرا ولم يصل ماؤها ، نقله حرب ( لم يملكه ) لأن الملك بالإحياء ولم يوجد ( وهو أحق به ) من سائر الناس لقوله " من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم فهو أحق به " ( ووارثه بعده ) لقوله " من ترك حقا فلورثته " ( ومن ينقله إليه ) أي : إذا نقله إلى غيره بالهبة صار الثاني أحق به ; لأن صاحبه أقامه مقام نفسه ( وليس له بيعه ) لأنه لم يملكه فلم يملك بيعه كحق الشفعة قبل الأخذ ، وكمن سبق إلى مباح قبل أخذه ( وقيل : له ذلك ) أي : بيعه ; لأنه أحق به ( فإن لم يتم إحياؤه قيل له ) أي : يقول له السلطان ونحوه إذا طالت المدة ( إما أن تحييه أو تتركه ) ليحييه غيرك ; لأنه ضيق على الناس في حق مشترك بينهم ، فلم يمكن منه ، كما لو وقف في طريق ضيق [ ص: 258 ] ( فإن طلب الإمهال أمهل الشهرين والثلاثة ) كذا في " الفروع " ; لأنه يسير ، واقتصر في " الكافي " ، وقدمه في " الرعاية " على الشهرين ، وفي " الوجيز " يمهل مدة قريبة بسؤاله ( فإن ) بادروا ( أحياه غيره ) قبل فراغ تلك المدة ، وفي " المغني " ، و " الشرح " ، أو قبل ذلك ( فهل يملكه ؛ على وجهين ) كذا أطلقهما في " المحرر " ، و " الفروع " أحدهما : لا يملكه ، وهو الأظهر لمفهوم " من أحيا أرضا ميتة في غير حق مسلم فهي له " أنها لا تكون له إذا كان لمسلم فيها حق ، ولأنه إحياء في حق غيره ، فلم يملكه كما لو أحيا ما يتعلق به مصالح ملك غيره ، ولأن حق المتحجر أسبق فكان أولى ، كحق الشفيع يقدم على شراء المشتري ، والثاني يملكه لعموم الخبر السابق ، ولأن الإحياء يملك به فقدم على المتحجر الذي لا يملك ، قال في " الفروع " : ويتوجه مثله في نزول مستحق عن وظيفة لزيد ، هل يتقرر فيها غيره ، قال شيخنا فيمن نزل عن وظيفة الإمامة : لا يتعين المنزول له ، ويولي من له الولاية من يستحق التولية شرعا ، اعترضه ابن أبي المجد ; لأنه لا يخلو إما أن يكون نزوله بعوض أو لا ، وعلى كل تقدير لم يحصل منه رغبة مطلقة عن وظيفته ثم قال : وكلام الشيخ قضية في عين ، فيحتمل أن المنزول له ليس أهلا ، ويحتمل عدمه ، وفيه نظر ، فإن النزول يفيد الشغور ، وقد سقط حقه بنزوله إذ الساقط لا يعود ، وقوله : قضية في عين الأصل عدمه ، ومما يشبه النزول عن الوظائف النزول عن الإقطاع ، فإنه نزول عن استحقاق يختص به لتخصيص الإمام له استغلاله ، أشبه مستحق الوظيفة ، ومتحجر الموات ، وقد يستدل بجواز أخذ العوض في [ ص: 259 ] ذلك كله بالخلع ، فإنه يجوز أخذ العوض مع أن الزوج لم يملك البضع ، وإنما ملك الاستمتاع به ، فأشبه المتحجر .




                                                                                                                          الخدمات العلمية