الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد

ابن عبد البر - أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر

صفحة جزء
446 [ ص: 391 ] حديث خامس وأربعون ليحيى بن سعيد

مالك ، عن يحيى بن سعيد ، عن عمرة ، عن عائشة : أن يهودية جاءت تسألها ، فقالت : أعاذك الله من عذاب القبر ، فسألت عائشة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أيعذب الناس في قبورهم ؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عائذا بالله من ذلك ، ثم ركب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات غداة مركبا ، فخسفت الشمس ، فرجع ضحى ، فمر بين ظهري الحجر ، ثم قام يصلي ، وقام الناس وراءه ، فقام قياما طويلا ، ثم ركع ركوعا طويلا ، ثم رفع فقام قياما طويلا ، وهو دون القيام الأول ، ثم ركع ركوعا طويلا ، وهو دون الركوع الأول ، ثم رفع فسجد ، ثم قام قياما طويلا ، وهو دون القيام الأول ، ثم ركع ركوعا طويلا ، وهو دون الركوع الأول ، ثم رفع ، فقام قياما طويلا ، وهو دون القيام الأول ، ثم ركع ركوعا طويلا ، وهو دون الركوع الأول ، ثم رفع ، ثم سجد ، ثم انصرف ، فقال ما شاء الله أن يقول ، ثم أمرهم أن يتعوذوا من عذاب القبر .

التالي السابق


في هذا الحديث دليل على أن عذاب القبر تعرفه اليهود ، وذلك - والله أعلم - في التوراة ; لأن مثل هذا لا يدرك بالرأي .

[ ص: 392 ] وأما صلاة الكسوف ، فقد مضى القول فيها ممهدا في باب زيد بن أسلم ، عن عطاء بن يسار ، عن ابن عباس ، وحديثه عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن عائشة ، وحديثه هذا عن يحيى بن سعيد ، عن عمرة ، عن عائشة كلها في صلاة الكسوف بمعنى واحد ، ركعتين في كل ركعة ركوعان ، والقول فيها في موضع واحد يغني ، وقد مضى من القول والأثر في عذاب القبر في باب هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر ، عن أسماء من هذا الكتاب ما فيه كفاية .

وأما قوله : خسفت الشمس ، فالخسوف بالخاء عند أهل اللغة ذهاب لونها ، وأما الكسوف بالكاف فتغير لونها ، قالوا : يقال بئر خسيف : إذا غار ماؤها ، وفلان كاسف اللون : متغير اللون .

وقد قيل الخسوف ، والكسوف بمعنى واحد - والله أعلم - .

قرأت على خلف بن أحمد بن مطرف حدثهم قال : حدثنا أيوب بن سليمان ، ومحمد بن عمر بن لبابة قالا : حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم أبو زيد قال : حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ ، عن موسى بن علي قال : سمعت أبي يقول : كنت عند عمرو بن العاصي بالإسكندرية ، فكسف بالقمر ليلة ، فقال رجل من القوم : سمعت قسطال هذه المدينة يقول : يكسف بالقمر هذه الليلة ، فقال رجل من الصحابة : كذب أعداء الله ، هذا هم علموا ما في الأرض ، فما علمهم بما في السماء ؟ ولم ير عمرو ذلك كبيرا أو كثيرا ، ثم قال عمرو : إنما الغيب خمس ، ما [ ص: 393 ] سوى ذلك يعلمه قوم ، ويجهله آخرون ( إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير )

وذكره ابن وهب في جامعه ، عن موسى بن علي ، عن أبيه مثله سواء .

قال أبو عمر : روى مالك وغيره عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : مفاتيح الغيب خمس - ثم ذكر مثله سواء ، وبالله التوفيق




الخدمات العلمية