الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            خروج الحبشة على النجاشي

            قال ابن إسحاق : وحدثني جعفر بن محمد ، عن أبيه ، قال : اجتمعت الحبشة فقالوا للنجاشي : إنك قد فارقت ديننا وخرجوا عليه . فأرسل إلى جعفر وأصحابه ، فهيأ لهم سفنا وقال : اركبوا فيها وكونوا كما أنتم ، فإن هزمت فامضوا حتى تلحقوا بحيث شئتم ، وإن ظفرت فاثبتوا . ثم عمد إلى كتاب فكتب فيه : هو يشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله ، ويشهد أن عيسى ابن مريم عبده ورسوله وروحه ، وكلمته ألقاها إلى مريم ؛ ثم جعله في قبائه عند المنكب الأيمن ، وخرج إلى الحبشة ، وصفوا له ، فقال : يا معشر الحبشة ، ألست أحق الناس بكم ؟ قالوا : بلى ؛ قال : فكيف رأيتم سيرتي فيكم ؟ قالوا : خير سيرة ، قال : فما بالكم ؟ قالوا : فارقت ديننا ، وزعمت أن عيسى عبد ؛ قال : فما تقولون أنتم في عيسى ؟ قالوا : نقول هو ابن الله ؛

            فقال النجاشي ، ووضع يده على صدره على قبائه : هو يشهد أن عيسى بن مريم ، لم يزد على هذا شيئا ، وإنما يعني ما كتب ، فرضوا وانصرفوا ( عنه ) .

            فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فلما مات النجاشي صلى عليه ، واستغفر له فائدة وقال بعض العلماء : إنما صلى عليه صلى الله عليه وسلم ; لأنه كان يكتم إيمانه من قومه ، فلم يكن عنده يوم مات من يصلي عليه ; فلهذا صلى عليه - صلى الله عليه وسلم - قالوا : فالغائب إن كان قد صلي عليه ببلده ، لا تشرع الصلاة عليه ببلد أخرى ، ولهذا لم يصل على النبي - صلى الله عليه وسلم - في غير المدينة لا أهل مكة ولا غيرهم ، وهكذا أبو بكر وعمر وعثمان وغيرهم من الصحابة ، لم ينقل أنه صلي على أحد منهم في غير البلدة التي صلي عليه فيها . فالله أعلم .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية