الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            كان من دخل من مهاجرة الحبشة بجوار فيمن سمي لنا : عثمان بن مظعون بن حبيب الجمحي دخل بجوار من الوليد بن المغيرة ، وأبو سلمة بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم ، دخل بجوار من أبي طالب بن عبد المطلب وكان خاله .

            وأم أبي سلمة : برة بنت عبد المطلب . قصة عثمان بن مظعون في رد جوار الوليد

            [ تألمه لما يصيب إخوانه في الله وما حدث له في مجلس لبيد ]

            قال ابن إسحاق : فأما عثمان بن مظعون فإن صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف حدثني عمن حدثه عن عثمان ، قال : لما رأى عثمان بن مظعون ما فيه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من البلاء ، وهو يغدو ويروح في أمان من الوليد بن المغيرة ، قال : والله إن غدوي ورواحي آمنا بجوار رجل من أهل الشرك ، وأصحابي وأهل ديني يلقون من البلاء والأذى في الله ما لا يصيبني ، لنقص كبير في نفسي فمشى إلى الوليد بن المغيرة ، فقال له : يا أبا عبد شمس ، وفت ذمتك ، قد رددت إليك جوارك فقال له : ( لم ) يا ابن أخي ؟ لعله آذاك أحد من قومي ، قال : لا ، ولكني أرضى بجوار الله ، ولا أريد أن أستجير بغيره ؟ قال : فانطلق إلى المسجد ، فاردد علي جواري علانية كما أجرتك علانية . قال : فانطلقا فخرجا حتى أتيا المسجد ، فقال الوليد : هذا عثمان قد جاء يرد علي جواري ، قال : صدق ، قد وجدته وفيا كريم الجوار ، ولكني قد أحببت أن لا أستجير بغير الله ، فقد رددت عليه جواره ؛ ثم انصرف عثمان ، ولبيد بن ربيعة بن مالك بن جعفر بن كلاب في مجلس من قريش ينشدهم ، فجلس معهم عثمان فقال لبيد :


            ألا كل شيء ما خلا الله باطل

            قال عثمان : صدقت . قال ( لبيد )

            :


            وكل نعيم لا محالة زائل

            قال عثمان : كذبت ، نعيم الجنة لا يزول .

            قال لبيد بن ربيعة : يا معشر قريش ، والله ما كان يؤذى جليسكم ، فمتى حدث هذا فيكم ؟ فقال رجل من القوم : إن هذا سفيه في سفهاء معه ، قد فارقوا ديننا ، فلا تجدن في نفسك من قوله ، فرد عليه عثمان حتى شري أمرهما ، فقام إليه ذلك الرجل فلطم عينه فخضرها والوليد بن المغيرة قريب يرى ما بلغ من عثمان ، فقال : أما والله يا ابن أخي إن كانت عينك عما أصابها لغنية ، لقد كنت في ذمة منيعة .

            قال : يقول عثمان : بل والله إن عيني الصحيحة لفقيرة إلى مثل ما أصاب أختها في الله ، وإني لفي جوار من هو أعز منك وأقدر يا أبا عبد شمس ، فقال له الوليد : هلم يا ابن أخي ، إن شئت فعد إلى جوارك فقال : لا . فقام سعد بن أبي وقاص إلى الذي لطم عين عثمان فكسر أنفه ، فكان أول دم أريق في الإسلام في قول .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية