الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            خبر الصحيفة

            [ تحالف الكفار ضد الرسول ]

            قال ابن إسحاق : فلما رأت قريش أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نزلوا بلدا أصابوا به أمنا وقرارا ، وأن النجاشي قد منع من لجأ إليه منهم ، وأن عمر قد أسلم ، فكان هو وحمزة بن عبد المطلب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، وجعل الإسلام يفشو في القبائل ، اجتمعوا وائتمروا ( بينهم ) أن يكتبوا كتابا يتعاقدون فيه على بني هاشم ، وبني المطلب ، على أن لا ينكحوا إليهم ولا ينكحوهم ، ولا يبيعوهم شيئا ، ولا يبتاعوا منهم ؛

            فلما اجتمعوا لذلك كتبوه في صحيفة ، ثم تعاهدوا وتواثقوا على ذلك ، ثم علقوا الصحيفة في جوف الكعبة توكيدا على أنفسهم ، وكان كاتب الصحيفة منصور بن عكرمة بن عامر بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي - قال ابن هشام : ويقال : النضر بن الحارث - فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فشل بعض أصابعه .

            قال ابن إسحاق : فلما فعلت ذلك قريش انحازت بنو هاشم وبنو المطلب إلى أبي طالب بن عبد المطلب ، فدخلوا معه في شعبه واجتمعوا إليه ، وخرج من بني هاشم أبو لهب ، عبد العزى بن عبد المطلب ، إلى قريش ، فظاهرهم . وعن الزهري : ثم إن المشركين اشتدوا على المسلمين كأشد ما كانوا ، حتى بلغ المسلمين الجهد ، واشتد عليهم البلاء ، واجتمعت قريش في مكرها أن يقتلوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علانية ، فلما رأى أبو طالب عمل القوم جمع بني عبد المطلب ، وأمرهم أن يدخلوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شعبهم ، وأمرهم أن يمنعوه ممن أرادوا قتله ، فاجتمعوا على ذلك ، مسلمهم وكافرهم ، فمنهم من فعله حمية ، ومنهم من فعله إيمانا ويقينا ، فلما عرفت قريش أن القوم قد منعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأجمعوا على ذلك ، اجتمع المشركون من قريش ، فأجمعوا أمرهم أن لا يجالسوهم ، ولا يبايعوهم ، ولا يدخلوا بيوتهم ، حتى يسلموا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للقتل ، وكتبوا في مكرهم صحيفة وعهودا ومواثيق ، لا يقبلوا من بني هاشم أبدا صلحا ، ولا تأخذهم بهم رأفة ، حتى يسلموه للقتل . فلبث بنو هاشم في شعبهم ثلاث سنين ، واشتد عليهم البلاء والجهد ، وقطعوا عنهم الأسواق ، فلا يتركوا لهم طعاما يقدم مكة ولا بيعا إلا بادروهم إليه فاشتروه ; يريدون بذلك أن يدركوا سفك دم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان أبو طالب إذا أخذ الناس مضاجعهم ، أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاضطجع على فراشه ; حتى يرى ذلك من أراد به مكرا واغتيالا له ، فإذا نوم الناس ، أمر أحد بنيه أو إخوته أو بني عمه فاضطجع على فراش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يأتي بعض فرشهم فينام عليه.

            التالي السابق


            الخدمات العلمية