الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            أمر ركانة المطلبي ومصارعته للنبي صلى الله عليه وسلم

            [ غلبة النبي له وآية الشجرة ]

            قال ابن إسحاق : وحدثني أبي إسحاق بن يسار ، قال : كان ركانة بن عبد يزيد بن هاشم بن عبد المطلب بن عبد مناف أشد قريش ، فخلا يوما برسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض شعاب مكة ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا ركانة ، ألا تتقي الله وتقبل ما أدعوك إليه ؟ قال : إني لو أعلم أن الذي تقول حق لاتبعتك ، فقال ( له ) رسول الله صلى الله عليه وسلم : أفرأيت إن صرعتك ، أتعلم أن ما أقول حق ؟ قال : نعم ؛ قال : فقم حتي أصارعك . قال : فقام إليه ركانة يصارعه ، فلما بطش به رسول الله صلى الله عليه وسلم أضجعه ، وهو لا يملك من نفسه شيئا ، ثم قال : عد يا محمد ، فعاد فصرعه ، فقال - يا محمد . والله إن هذا للعجب ، أتصرعني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : وأعجب من ذلك إن شئت أن أريكه ، إن اتقيت الله واتبعت أمري ، قال : ما هو ؟ قال : أدعو لك هذه الشجرة التي ترى فتأتيني ، قال : ادعها ، فدعاها ، فأقبلت حتى وقفت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم . قال : فقال لها : ارجعي إلى مكانك . قال : فرجعت إلى مكانها قال : فذهب ركانة إلى قومه فقال : يا بني عبد مناف ، ساحروا بصاحبكم أهل الأرض ، فوالله ما رأيت أسحر منه قط ، ثم أخبرهم بالذي رأى والذي صنع قال ابن كثير رحمه الله تعالى: هكذا روى ابن إسحاق هذه القصة مرسلة بهذا السياق . وقد روى أبو داود والترمذي من حديث أبي الحسن العسقلاني عن أبي جعفر بن محمد بن ركانة عن أبيه ، أن ركانة صارع النبي - صلى الله عليه وسلم - فصرعه النبي - صلى الله عليه وسلم - . ثم قال الترمذي : غريب ، ولا نعرف أبا الحسن ولا ابن ركانة .

            قلت : وقد روى أبو بكر الشافعي بإسناد جيد ، عن ابن عباس رضي الله عنهما ، أن يزيد بن ركانة صارع النبي - صلى الله عليه وسلم - فصرعه النبي - صلى الله عليه وسلم - ثلاث مرات ، كل مرة على مائة من الغنم ، فلما كان في الثالثة ، قال : يا محمد ، ما وضع ظهري إلى الأرض أحد قبلك ، وما كان أحد أبغض إلي منك ، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله ، وأنك رسول الله . فقام عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورد عليه غنمه .

            وأما قصة دعائه الشجرة فأقبلت ، فسيأتي في كتاب " دلائل النبوة " بعد السيرة ، من طرق جيدة صحيحة في مرات متعددة إن شاء الله ، وبه الثقة .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية