الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ( فصل ) في الجمع بين الصلاتين ( يجوز الجمع بين الظهر والعصر تقديما ) في وقت الأولى لغير المتحيرة لأن شرطه ظن صحة الأولى كما يأتي وهو منتف فيها وألحق بها كل من تلزمه الإعادة وفيه نظر ظاهر ؛ لأن الأولى مع ذلك صحيحة فلا مانع [ ص: 394 ] وكالظهر الجمعة في هذا ، خلافا لمن نازع فيه ( وتأخيرا ) في وقت الثانية ( و ) بين ( المغرب والعشاء كذلك ) أي تقديما وتأخيرا ( في السفر الطويل ) المجوز للقصر للاتباع الثابت في الصحيحين وغيرهما في جمعي التأخير والتقديم ، فيمتنع جمع العصر مع المغرب والعشاء مع الصبح وهي مع الظهر اقتصارا على الوارد ( وكذا القصير في قول ) اختير كالتنفل على الراحلة وأشار بيجوز إلى أن الأفضل ترك الجمع خروجا من خلاف من منعه وقد يشكل بقولهم الخلاف إذا خالف سنة صحيحة لا يراعى إلا أن يقال إن تأويلهم لها له نوع تماسك في جمع التأخير وطعنهم في صحتها في جمع التقديم محتمل مع اعتضادهم بالأصل فروعي ، نعم الجمع بعرفة ومزدلفة مجمع عليه فيسن ، ولو للسفر لا للنسك وكذا بغيرهما لمن شك فيه أو وجد في نفسه كراهته أو كان ممن يقتدى به ولمن لو جمع اقترنت صلاته بكمال ، كخلو عن جريان حدث سلس وعري وانفراد وكإدراك عرفة أو أسير بل قد تجب في هذين ( فإن كان سائرا وقت الأولى ) وأراد الجمع وعدم مراعاة خلاف أبي حنيفة ( فتأخيرها أفضل وإلا فعكسه ) للاتباع ولأنه الأرفق ، وإن كان سائرا أو نازلا وقتهما فالتقديم أولى فيما يظهر ، ثم رأيت شيخنا أشار إليه وقد يشمله قول المتن وإلا إن أراد بسائرا وقت الأولى دون الثانية أي والأيسر وقتهما أو سار وقتهما أو وقت الثانية دون الأولى لأن فيه المسارعة لبراءة الذمة وبقولي وأراد الجمع إلخ [ ص: 395 ] اندفع ما يقال ، مر أن ترك الجمع أفضل أي فهو مباح فكيف يكون أفضل فيما ذكر ومر أن اقتران الجمع بكمال يرجحه فكذا هنا إذا اقترن أحد الجمعين به بأن غلب ذلك على ظنه كما هو ظاهر يرجح على الآخر سواء أكان سائرا أم نازلا .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( فصل ) في الجمع بين الصلاتين ( قوله : وفيه نظر ظاهر ) هو الأوجه لأن المتحيرة إنما استثنيت لعدم تحقق [ ص: 394 ] صحة صلاتها وهذه الملحقات تحققنا الصحة فيها ولا يضر لزوم القضاء ( قوله : وكالظهر الجمعة ) اعتمده م ر ( قوله : أي تقديما ) أي لغير المتحيرة إلخ ( قوله : بل قد يجب في هذين ) في ذكر قد إشارة إلى أنه تارة يجب وتارة لا وكان وجهه أنه إن تعين طريقا في إدراك ما ذكر وجب وإلا كأن كان أقرب إلى إدراكه ندب ( قوله في المتن : سائرا وقت الأولى ) أي ونازلا وقت الثانية ( قوله : فالتقديم أولى إلخ ) الأوجه أولوية التأخير م ر ( قوله : أي والأيسر وقتهما ) [ ص: 395 ] بأن نزل في وقتيهما ( قوله : اندفع ما يقال ) قد يمنع ورود هذا من الابتداء إذ ليس التفصيل بين الجمع وتركه بل بين أفراده ، وهي تقبل ذلك ، وإن كان مفضولا إذ المفضول تتفاوت أفراده .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( فصل ) في الجمع بين الصلاتين أي للسفر أو نحو المطر ع ش قول المتن ( يجوز الجمع إلخ ) أي خلافا لأبي حنيفة والمزني إلا في عرفات ومزدلفة فجوزاه فيهما للنسك لا للسفر سم وبرماوي و ع ش ا هـ بجيرمي ( قوله : في وقت الأولى ) إلى قول المتن ، فإن كان في النهاية إلا قوله : اختير وقوله : أو كان ممن يقتدى به وكذا في المغني إلا قوله : وفيه نظر إلى وكالظهر ( قوله : في وقت الأولى ) ظاهره أنه لا بد من فعلهما بتمامهما في الوقت فلا يكفي إدراك ركعة من الثانية فيه وتردد في ذلك سم على حج ونقل في حاشية المنهج عن الروياني عن والده أنه يكتفى بإدراك دون الركعة من الثانية وعن م ر أنه وافقه أقول ويؤيد الجواز ما يأتي من الاكتفاء في جواز الجمع بوقوع تحرم الثانية في السفر ، وإن أقام بعده فكما اكتفى بعقد الثانية في السفر فينبغي أن يكتفي به في الوقت ع ش واعتمده شيخنا كما يأتي

                                                                                                                              ( قوله : كما يأتي ) أي في قول المصنف البداءة بالأولى فلو صلاهما إلخ ( قوله : وألحق بها إلخ ) اعتمده المغني وشرح بافضل قال الكردي عليه وجرى على هذا في شرحي الإرشاد وفي حاشية الإيضاح وأقره شيخ الإسلام في الأسنى والخطيب وابن علان . ا هـ . ( قوله : وفيه نظر إلخ ) هو الأوجه ؛ لأن المتحيرة إنما استثنيت لعدم تحقق صحة صلاتها وهذه الملحقات تحققنا الصحة فيها ولا يضر لزوم القضاء سم عبارة النهاية وقول الزركشي ومثلها فاقد الطهورين وكل من لم تسقط صلاته بالتيمم محل وقفة إذ الشرط ظن صحة الأولى وهو موجود هنا ، ولو حذف بالتيمم كما قاله الشيخ كان أولى . ا هـ .

                                                                                                                              قال ع ش قوله م ر محل وقفة نقل سم على حج عن الشارح م ر اعتماد هذا ونقل على المنهج عنه اعتماد ما قاله الزركشي وهو الأقرب . ا هـ . واعتمد شيخنا الأول عبارته ويزاد أيضا صحة الأولى يقينا أو ظنا ، ولو مع لزوم الإعادة فيجمع فاقد الطهورين والمتيمم ، ولو بمحل [ ص: 394 ] يغلب فيه وجود الماء على المعتمد لوجود الشرط كما قاله الرملي وابن حجر خلافا للزركشي ، وإن اعتمده ابن قاسم في بعض كتاباته واستقر به الشبراملسي . ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : مع ذلك ) أي لزوم الإعادة ( قوله : فلا مانع ) أي من الجمع ( قوله : وكالظهر الجمعة إلخ ) أي بشرط أن تغني عن الظهر بأن لم تتعدد في البلد زيادة على قدر الحاجة ، فإن لم تغن عن الظهر فلا يصح الجمع معها لعدم شرطه من صحة الأولى يقينا أو ظنا شيخنا ( قوله : في هذا ) أي جمع التقديم كأن دخل المسافر قرية بطريقه يوم الجمعة فالأفضل في حقه الظهر لكن لو صلى الجمعة معهم فيجوز له أن يجمع العصر معها تقديما إطفيحي . ا هـ . بجيرمي أي وأما جمع التأخير في الجمعة فلا يصح لأنه لا يتأتى تأخيرها عن وقتها كما نبه عليه النهاية والمغني ، ثم قول الإطفيحي فالأفضل في حقه إلخ انظر هل هذا يخالف ما يأتي في باب الجمعة عن سم عن الأسنى من استحباب الجمعة للمسافر ( قوله : أي تقديما ) أي لغير المتحيرة سم ( قوله : ويمتنع جمع العصر إلخ ) ويمتنع الجمع أيضا في الحضر وفي سفر قصير ، ولو مكيا وفي سفر معصية نهاية ومغني ( قوله : كالتنفل إلخ ) راجع للمتن

                                                                                                                              ( قوله : وأشار بيجوز إلخ ) أي ؛ لأنه إذا قيل يجوز لك يفهم منه في عرف التخاطب أن تركه أولى حفني ( قوله : إلى أن الأفضل ترك الجمع ) أي فيكون الجمع خلاف الأولى ع ش ويأتي ما فيه ( قوله : خروجا إلخ ) ولأن فيه إخلاء أحد الوقتين عن وظيفته فتح الجواد وشيخنا ( قوله : من خلاف من منعه ) أي من خلاف أبي حنيفة نهاية ومغني ( قوله : وقد يشكل إلخ ) أي رعاية الخلاف هنا ( قوله : سنة إلخ ) أي خبرا صحيحا ع ش ( قوله : أن تأويلهم إلخ ) وهو أن المراد بالسنة الصحيحة الجمع الصوري بأن أخر الأولى إلى آخر وقتها وصلى الثانية في أول وقتها لكن هناك أحاديث صحيحة لا تقبل هذا التأويل كما ذكرت شيئا منها في غير هذا المحل كردي ( قوله : نوع تماسك ) أي قوة و ( قوله : وفي صحتها ) أي السنة ع ش ( قوله : وهو للسفر إلخ ) أي في الأظهر كما سيأتي إن شاء الله تعالى في الحج ، وإن صحح المصنف في منسكه الكبير أن سببه النسك ؛ لأنه خلاف ما صححه في سائر كتبه مغني

                                                                                                                              ( قوله : وكذا بغيرهما ) أي وكذا يسن الجمع في غير عرفة ومزدلفة ( قوله : فيسن إلخ ) يعني أن الأفضل للمسافر الحاج جمع العصرين تقديما بمسجد نمرة وجمع العشاءين تأخيرا بمزدلفة إن كان يصليهما قبل مضي وقت الاختيار للعشاء شرح بافضل أي ، فإن خشي مضيه صلاهما تأخيرا قبل وصوله مزدلفة كردي ( قوله : كخلو عن جريان حدث سلس إلخ ) قياس ما تقدم في القصر أنه إذا كان لو جمع خلا عن حدثه الدائم في وضوئه وصلاته وجب الجمع هنا إلا أن يفرق باتفاق القصر دون الجمع إلا في عرفة ومزدلفة للنسك وهذا أولى من فرق سم بما نصه قلت يفرق بلزوم إخراج إحدى الصلاتين عن وقتها فلم يجب الجمع انتهى ؛ لأنه قد يمنع أن في التأخير إخراج الصلاة عن وقتها ؛ لأن العذر صير وقت الصلاتين واحدا ع ش ( قوله : بل قد يجب في هذين ) في ذكر قد إشارة إلى أنه تارة يجب وتارة لا وكان وجهه أنه إن تعين طريقا في إدراك ما ذكر وجب وإلا كأن كان أقرب إلى إدراكه ندب سم عبارة ع ش أفاد كلامه أنه قد يجب في بعض الصور ولعل المراد بذلك البعض ما لو تحقق فوت عرفة أو إنقاذ الأسير بترك الجمع فينقذ الأسير ويدرك عرفة ، ثم يجمع الصلاتين تأخيرا . ا هـ .

                                                                                                                              قوله قول المتن ( سائرا وقت الأولى ) أي ونازلا في وقت الثانية و ( قوله : وإلا ) أي بأن كان نازلا في وقت الأولى وسائرا في وقت الثانية مغني ونهاية ( قوله : فالتقديم أولى إلخ ) والذي يظهر أن التأخير أفضل ؛ لأن وقت الثانية وقت للأولى حقيقة أي ، ولو بلا عذر بخلاف العكس مغني ونهاية ( قوله : وإلا ) مقول القول و ( قوله : دون الثانية ) مفعول أراد و ( قوله : أي والأيسر إلخ ) بيان للشمول ( قوله : والأيسر وقتهما ) أي بأن نزل في وقتيهما سم ( قوله : ؛ لأن فيه المسارعة إلخ ) الأولى تقديمه [ ص: 395 ] على قوله ، ثم رأيت إلخ ( قوله : واندفع ما يقال إلخ ) قد يمنع ورود هذا من الابتداء إذ ليس التفصيل بين الجمع وتركه بل بين أفراده وهي تقبل ذلك ، وإن كان مفضولا إذ الفضول يتفاوت أفراده سم ( قوله : أي فهو مباح ) قد يمنع كونه مباحا بأن خلاف الأفضل كخلاف الأولى يكون مكروها كراهة خفيفة يعبر عنها بخلاف الأولى ع ش وقد يمنع كلية ما قاله بأن الغالب رجوع النفي للقيد فقط وهو هنا زيادة الفضيلة فيبقى أصل الفضيلة ( قوله : ومر ) أي آنفا ( قوله : ويرجحه ) أي على ترك الجمع ( قوله : ذلك ) أي الاقتران بالكمال .




                                                                                                                              الخدمات العلمية