الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
مطلب : في استحباب تحريك المستأذن نعليه وإظهار حسه .

( و ) يستحب للمستأذن ( تحريك نعليه ) تثنية نعل وهي مؤنثة التي تلبس في المشي . قال في النهاية : وتسمى الآن تاسومة ، وفي الخبر { أن رجلا شكا إليه صلى الله عليه وسلم رجلا من الأنصار فقال : يا خير من يمشي بنعل فرد } ، وصفها بالفرد ، وهو مذكر ; لأن تأنيثها غير حقيقي .

والفرد هي التي لم تخصف ولم تطارق وإنما هي طاق واحد .

والعرب تمدح برقة النعال وتجعلها من لباس الملوك يقال نعلت وانتعلت إذا لبست النعل وانتعلت الخيل .

ومنه الحديث { إن غسان تنعل خيلها } .

( و ) يستحب للمستأذن أيضا ( إظهار حسه ) بكسر الحاء المهملة الحركة وأن يمر بك قريبا فتسمعه ، ولا تراه كالحس والصوت كما في القاموس .

والمراد - والله أعلم - إتيان شيء من تحريك نعل أو نحنحة أو صوت كما مر في كلام الإمام رضي الله عنه ، وذلك لئلا يرى أمرا يكرهه الداخل أو أهل المنزل ، ولأنه ربما أفضى إلى الشحناء بين الأهل ; لأنه قد يرى من عوراتهم ما لا يحب ، فإذا حرك نعله أو تنحنح أو أظهر حسه انتفى ذلك .

وقالت زينب امرأة عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما : كان عبد الله إذا [ ص: 315 ] دخل تنحنح وصوت . مختصر من حديث طويل .

فينبغي لكل مكلف إظهار حسه ( ل ) أجل ( دخلته ) لكل دخلة ( حتى ) يفعل ذلك من تحريك نعله وإظهار حسه ( ل ) دخول منزله على امرأته وأمته ، فلا يختص ذلك بدخوله على الأجانب .

وقوله ( اشهد ) فعل أمر من الإشهاد وحرك بالكسر للقافية ، أي أعلم ذلك وأشهده ولا تتوقف فيه . وقد مر أن يستأذن ، قال يحرك نعله إذا دخل . وقال إذا دخل على أهله تنحنح .

وقال ابن أبي موسى رحمه الله ورضي عنه : يستحب لمن دخل منزله أن يقول : ما شاء الله لا قوة إلا بالله ويسلم على أهل بيته إذا دخل يكثر خير بيته .

وفي الترمذي وحسنه عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له { يا بني إذا دخلت على أهلك فسلم عليهم تكون بركة عليك وعلى أهل بيتك } .

وروى أبو داود عن أبي مالك الأشعري مرفوعا { إذا ولج الرجل بيته فليقل اللهم إني أسألك خير المولج وخير المخرج ، بسم الله ولجنا وبسم الله خرجنا ، وعلى الله ربنا توكلنا ، ثم يسلم على أهله } .

وأخرج أبو داود أيضا بإسناد جيد عن أبي أمامة رضي الله عنه مرفوعا { ثلاثة كلهم ضامن على الله عز وجل : رجل خرج غازيا في سبيل الله فهو ضامن على الله حتى يتوفاه فيدخله الجنة أو يرده بما نال من أجر وغنيمة ، ورجل راح إلى المسجد فهو ضامن على الله ، ورجل دخل بيته بسلام فهو ضامن على الله عز وجل } قال الخطابي : ضامن على الله معناه مضمون فاعل بمعنى مفعول ، يريد كل واحد منهم .

قال : وقوله دخل بيته بسلام يحتمل وجهين :

أحدهما : أن يسلم إذا دخل منزله كما قال تعالى { فإذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم تحية من عند الله مباركة طيبة } .

والثاني : أن يكون أراد أن يلزم البيت طلبا للسلامة من الفتن ، يرغب بذلك في العزلة ويأمر بإقلال الخلطة ، والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية