هجرة النبي صلى الله عليه وسلم
جاء إذن النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه بالهجرة بعد أن أكرم الله تعالى أهل يثرب بالبيعة لاسيما بيعة العقبة الثانية والتي فيها كان الميثاق الذي أخذ عليهم بنصرة النبي صلى الله عليه وسلم وأن يمنعوه مما يمنعون منه أنفسهم وأولادهم وأموالهم.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم بعدما اشتد الأمر على أصحابه: «قد أخبرت بدار هجرتكم وهي يثرب، فمن أراد الخروج فليخرج إليها» .
فجعل أصحابه رضوان الله عليهم يتجهزون للهجرة، وكان من أول من هاجر بأهله إليها أبو سلمة بن عبد الأسد وذلك قبل البيعة بسنة ثم لحقت به زوجته أم سلمة بعد أن منعها أهلها قرابة السنة، كما كان من أول المهاجرين إليها أيضا مصعب بن عمير رضي الله عنه، وعامر بن ربيعة ومعه امرأته ليلى بنت أبي حثمة، ثم عبد الله بن جحش وأخوه أحمد وعكاشة بن محصن وغيرهم كثير.
كما هاجر عمر بن الخطاب رضي الله عنه علانية ولم يستخف.
وقد جاء في الهجرة العديد من المواقف التي تدل على شدة الأمر على المسلمين وشدة البلاء كما وقع لأم سلمة رضي لله عنها ولعياش بن أبي ربيعة، وهشام بن العاص بن وائل، وصهيب بن سنان.
وأقام النبي صلى الله عليه وسلم بمكة ينتظر أن يؤذن له من الله سبحانه بالهجرة وبقي معه من أصحابه أبو بكر وعلي رضي الله عنهما وبعض من حبس وفتن منهم.
وقد أكرم الله أبا بكر فجعله صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم في هجرته كما أكرم عليا فجعله خليفته في رد الأمانات إلى أهلها بمكة.
هذا وقد اجتمعت قريش لتصد رسول الله صلى الله عليه وسلم عن وجهته، وتشاوروا فيما بينهم ودخل فيهم إبليس مشيرا في هيئة شيخ نجدي، وقد استقر رأيهم الذي مدحه إبليس على أن يخرجوا من كل قبيلة رجلا لقتل النبي صلى الله عليه وسلم فيتفرق دمه في القبائل.
إلا أن الله سبحانه نجى نبيه وجعل في نجاته آية لهم لو يعقلون، بأن خرج النبي صلى الله عليه وسلم ونثر على رؤسهم التراب وأغشاهم الله فهم لا يبصرون.
وقد خلف النبي صلى الله عليه وسلم عليا في فراشه مموها على القوم وحتى يؤدي عنه أمانات أهل مكة، وخرج النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر يخدمهما عامر بن فهيرة مولى أبي بكر ودليلهما عبد الله بن أريقط، وناقل الخبر لهما عبد الله بن أبي بكر، والآتي بالطعام لهما أسماء بنت أبي بكر، وذلك وهما في غار ثور، وقد حاول المشركون أن يتوصلوا إليهما فآذوا أسماء بنت أبي بكر فصبرت.
وقد غادر النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر غار ثور ومضيا في طريقهما ولحقهما سراقة بن مالك بن جعشم فمنعهما الله منه وطلب الأمان من النبي صلى الله عليه وسلم فكتب له ذلك، وفي طريقهما حلا خيمة أم معبد الخزاعية، وقد ذكرت من بركته صلى الله عليه وسلم ووصفه ما سجله أصحاب السير في أجمل وأبهى وصف.
وقد وصل النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة تصحبه السلامة مع صاحبه، وكان أول من رآه رجل من يهود فصرخ في أهل المدينة منبها بوصول النبي صلى الله عليه وسلم فخرج إليه أهل المدينة يستقبلونه وقد نزل النبي صلى الله عليه وسلم في أول الأمر على كلثوم بن الهدم، ثم في دار أبي أيوب الأنصاري بعد ذلك.
هذا وقد لحق علي رضي الله عنه بالنبي صلى الله عليه وسلم بقباء بعد ثلاثة أيام.
وبعد نزول النبي صلى الله عليه وسلم جاءه عبد الله بن سلام رضي الله عنه وهو وقتئذ من أحبار اليهود وكبرائهم فأسلم وكتم إسلامه وطلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يسأل اليهود كيف هو فيهم؟
وقد سألهم النبي صلى الله عليه وسلم فأثنوا عليه خيرا فلما علموا بإسلامه أساؤوا إليه وشتموه.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم حينما نزل المدينة مكث في بني عمرو بن عوف أياما وكان لكلثوم بن الهدم مربدا فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم واتخذه مسجدا وهو مسجد قباء الذي أسس على التقوى من أول يوم.
وعند قدوم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة كان كل بيت من الأنصار حريص على نزول النبي صلى الله عليه وسلم فيه، كلهم يأخذ بزمام ناقته، فأخبرهم صلى الله عليه وسلم بأنها مأمورة وطلب منهم تركها، وقد ظلت تسير حتى بركت بدار بني مالك بن النجار، وجاء أبو أيوب الأنصاري فاستأذن النبي صلى الله عليه وسلم في أخذ متاعه ورحله ووضعه في بيته، وطلب من النبي صلى الله عليه وسلم النزول حيث بيته أقرب البيوت فنزل النبي صلى الله عليه وسلم بداره.
ولما استقر النبي صلى الله عليه وسلم في دار أبي أيوب بدأ ببناء مسجده صلى الله عليه وسلم، وبنى حجر أزواجه حول المسجد، وفي أثناء ذلك مات أسعد بن زرارة أحد النقباء رضي الله عنه.
وبدأ تلاحق المهاجرين بعد ذلك من مكة، وجاء آل النبي صلى الله عليه وسلم وآل أبي بكر رضي الله عنه، وآخى النبي صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار، وكتب الموادعة بين المسلمين اليهود، وبعد قدومه شرع الأذان، وعلم أصحابه كيف يقومون به، كما وقع لبعض الصحابة الحمى فدعا النبي صلى الله عليه وسلم فأبعدها الله عن المدينة إلى الجحفة، وولد للمسلمين أول مولود في المدينة عبد الله بن الزبير بن العوام فكان أول مولود في أول دولة للمسلمين مؤذنا بعصر جديد.
- ملخص ما جاء في هجرة النبي صلى الله عليه وسلم
- إذن النبي صلى الله عليه وسلم للمسلمين في الهجرة إلى المدينة وذكر بعض من هاجر إليها
- تأخر أبي بكر وعلي رضي الله عنهما في الهجرة
- اجتماع قريش في دار الندوة وتشاورهم في أمر الرسول صلى الله عليه وسلم
- خروج النبي صلى الله عليه وسلم واستخلافه عليا رضي الله عنه على فراشه
- ما نزل من القرآن في تربص المشركين بالنبي صلى الله عليه وسلم
- طمع أبي بكر رضي الله عنه في أن يكون صاحب النبي صلى الله عليه وسلم في الهجرة وما أعد لذلك
- بدء هجرة الرسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه الكريمة من مكة إلى المدينة ومعه أبو بكر الصديق رضي الله عنه
- من كان يعلم بهجرة الرسول صلى الله عليه وسلم
- إقامة الرسول صلى الله عليه وسلم وأبي بكر رضى الله عنه في الغار وما جرى لهما فيه
- ابنا أبي بكر وابن فهيرة ودورهم في هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتسمية أسماء ذات النطاقين
- أبو بكر رضي الله عنه يقدم راحلة للرسول صلى الله عليه وسلم
- ضرب أبي جهل لأسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها
- موقف أسماء رضي الله عنها مع جدها أبي قحافة رضي الله عنه
- الجن يخبر عن وجهة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد خروجه من الغار
- خط سير رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد خروجه من الغار حتى وصوله المدينة
- سراقة وركوبه في أثر الرسول صلى الله عليه وسلم
- مروره صلى الله عليه وسلم بخيمتي أم معبد الخزاعية
- تلقي أهل المدينة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ودخوله إياها
- إسلام عبد الله بن سلام بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم وموقف اليهود منه
- تأسيس مسجد قباء
- خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم في أول خطبة صلاها بالمدينة
- مبرك ناقة النبي صلى الله عليه وسلم بدار بني مالك بن النجار
- بناء مسجده الشريف صلى الله عليه وسلم
- إخبار النبي صلى الله عليه وسلم لعمار رضي الله عنه بقتل الفئة الباغية له ووصيته به
- موت أبي أمامة أسعد بن زرارة رضي الله عنه
- بناء حجر للنبي صلى الله عليه وسلم حول المسجد
- تلاحق المهاجرين إلى الرسول صلى الله عليه وسلم بالمدينة
- بعث النبي صلى الله عليه وسلم إلى بناته وزوجته
- خطبة النبي صلى الله عليه وسلم الثانية
- زيادة صلاة الحضر ركعتين
- بناء النبي صلى الله عليه وسلم بعائشة رضي الله عنها
- المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار
- كتاب الموادعة بين المهاجرين والأنصار واليهود
- إصابة المهاجرين من حمى المدينة
- صيام يوم عاشوراء
- بدء الأذان وبعض ما وقع فيه من الآيات
- ميلاد عبد الله بن الزبير رضي الله عنه
- ما نالته المدينة من شرف بعد الهجرة النبوية
- ابتداء التاريخ الإسلامي من سنة الهجرة