الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          الثاني : الضوال التي تمتنع من صغار السباع كالإبل ، والبقر ، والخيل ، والبغال ، والظباء ، والطير ، والفهود ، ونحوها ، فلا يجوز التقاطها ، ومن أخذها ضمنها ، فإن دفعها إلى نائب الإمام زال عنه الضمان .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( الثاني الضوال ) مفرده ضالة ، وهي اسم للحيوان خاصة ، ويقال لها : الهوامي ، والهوامل ( التي تمتنع من صغار السباع ) وترد الماء ( كالإبل والبقر ) نص عليهما ( والخيل ، والبغال ، والظباء ، والطير ، والفهود ، ونحوها ) كالكلب ، وجملته أن كل حيوان تقوى على الامتناع من صغار السباع ، وورود الماء سواء كان لكبر جثته كالإبل ، أو لطيرانه كالطيور كلها ، أو لعدوه كالظباء ، أو بنابه كالفهد والكلب ( فلا يجوز التقاطها ) لقول عمر : من أخذ الضالة فهو ضال ، أي : مخطئ ، وهي تفارق الغنم لضعفها ، وقلة صبرها عن الماء ، والخوف عليها من الذئب ونحوه ، والحمر الأهلية كذلك ، قاله الأصحاب ، وفي " المغني " الأولى [ ص: 275 ] إلحاقها بالشاة لمساواتها لها في العلة ، لكن إن كانت الصيود مستوحشة ، بحيث إذا تركت رجعت إلى الصحراء ، وعجز عنها مالكها جاز التقاطها لأجل حفظها لصاحبها ، ويستثنى من كلامه ما إذا وجدها في موضع يخاف عليها به كأرض مسبعة ، أو قريبا من دار الحرب ، أو بموضع يستحل أهله أموال المسلمين ، أو في برية لا ماء بها ولا مرعى ، فالأولى أخذها للحفظ ، ولا ضمان عليه ; لأن فيه إنقاذها من الهلاك ، أشبه تخليصها من حريق ( ومن أخذها ضمنها ) لأنه أخذ ملك غيره بغير إذنه ، ولا إذن الشارع فهو كالغاصب ، ولا فرق بين زمن الأمن والفساد أو غيره ، وسواء كان إماما أو لا ، فإن ردها إلى موضعها لم يبرأ منه ، لكن إذا التقط ذلك غير الإمام وكتمه ضمنه بقيمته مرتين ، نص عليه للخبر ( فإن دفعها إلى نائب الإمام زال عنه الضمان ) لأن الإمام له نظر في ضوال الناس ، فكان نائبا عن أصحابها ، وعلم منه أن للإمام ونائبه أخذها للحفظ ، لقول عمر ، ولا يلزمه تعريفها ، ولا تؤخذ منه بوصفها ، فإن أخذها غيرهما ليحفظها على أصحابها لم يجز ، ولزمه ضمانها ; لأنه لا ولاية له على صاحبها .

                                                                                                                          فائدة : يسم الإمام ما يحصل عنده من الضوال بأنها ضالة ، ويشهد عليها ، قال في " الرعاية " سمة الصدقة .

                                                                                                                          فرع : ما يحتفظ بنفسه من الأحجار الكبار كحجر الطاحون ، والخشب الكبير ، وقدور النحاس فهو كالإبل بل أولى ، قاله في " المغني " ، و " الشرح " [ ص: 276 ] وقدم في " الفروع " خلافه ، ومن أخذ متاعه وترك بدله ، فلقطة ، نص عليه ، ونقل ابن منصور : ويأخذ حقه منه بعد تعريفه .

                                                                                                                          أصل : إذا وجد في حيوان نقدا أو درة فهو لقطة لواجده ، نص عليه ، ونقل ابن منصور لبائع ادعاه إلا أن يدعي مشتر أنه أكله عنده فهو له ، وإن وجد درة غير مثقوبة في سمكة فهي لصياد ; لأن الظاهر ابتلاعها من معدنها ، فلو ترك دابة بمهلكة أو فلاة لعجزه أو انقطاعها ملكها آخذها ، نص عليه ، وقيل : لا بل هي لمالكها كعبد ، وترك متاع عجزا فيرجع بنفقته وأجرة متاع ، نص عليه ، وقيل : لا نفقة ، ولا أجرة ، وقيل : في نفقة العبد روايتان ، وكذا ما يلقى في البحر خوفا من الغرق ، فإنه يملكه آخذه ، وفي " الشرح " لا أعلم لأصحابنا فيه قولا ، وقيل : لا ، وله أجرة رد متاعه في الأصح ، فإن انكسرت السفينة وأخرجه قوم ، فقياس قول أحمد : لمستخرجه أجرة المثل كجعل رد الآبق ، وقال القاضي : يأخذ أصحاب المتاع متاعهم ، ولا شيء للذين أصابوه ، والأول أولى .




                                                                                                                          الخدمات العلمية