الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
449 [ ص: 432 ] حديث موفي خمسين ليحيى بن سعيد

يحيى بن سعيد ، عن عمرو بن شعيب - حديثان :

مالك ، عن يحيى بن سعيد ، عن عمرو بن شعيب - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا استسقى قال : اللهم اسق عبادك وبهيمتك ، وانشر رحمتك ، وأحي بلدك الميت .

التالي السابق


هكذا رواه مالك ، عن يحيى ، عن عمرو بن شعيب مرسلا ، وتابعه جماعة على إرساله منهم : المعتمر بن سليمان ، وعبد العزيز بن مسلم القسملي ، فرووه عن يحيى بن سعيد ، عن عمرو بن شعيب مرسلا .

ورواه جماعة عن يحيى بن سعيد ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده - مسندا منهم : حفص بن غياث ، والثوري ، وعبد الرحيم بن سليمان ، وسلام أبو المنذر .

فأما حديث الثوري ، فذكره أبو داود قال : حدثنا سهل بن صالح ، حدثنا علي بن قادم ، حدثنا سفيان ، عن يحيى بن سعيد ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا استسقى يقول : فذكر مثل لفظ حديث مالك سواء .

وذكر العقيلي : حدثنا محمد بن يحيى العسكري ، حدثنا سهل بن عثمان ، حدثنا حفص بن غياث - عن يحيى بن سعيد ، عن عمرو بن [ ص: 433 ] شعيب ، عن أبيه ، عن جده قال : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا استسقى قال : اللهم اسق عبادك ، وأحي بلدك الميت ، وانشر رحمتك .

وأحسن شيء روي في الدعاء في الاستسقاء مرفوعا - : ما أخبرناه عبد الله بن محمد ، حدثنا محمد بن بكر ، حدثنا أبو داود ، حدثنا ابن أبي خلف ، حدثنا محمد بن عبيد قال : حدثنا مسعر ، عن يزيد الفقيمي ، عن جابر بن عبد الله قال : أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - بواكي ، فقال : اللهم اسقنا غيثا مغيثا مريئا مريعا ، نافعا غير ضار ، عاجلا غير آجل ; قال : فأطبقت عليهم السماء .

وحدثنا عبد الوارث بن سفيان ، قال : حدثنا قاسم بن أصبغ ، قال : حدثنا محمد بن الهيثم ، حدثنا الحسن بن الربيع ، حدثنا ابن إدريس ، قال : حدثنا حصين ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن ابن عباس قال : جاء أعرابي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله ، لقد جئتك من عند قوم ما يتزود لهم راع ، ولا يخطر لهم فحل ، فصعد المنبر ، فحمد الله ، ثم قال : اللهم اسقنا غيثا ، مغيثا ، مريعا مريئا ، طبقا غدقا ، عاجلا غير رائث ، ثم نزل ، فما يأتيه أحد من وجه من الوجوه إلا قال : قد أحيينا .

وذكر ابن أبي شيبة ، عن وكيع ، عن عيسى بن حفص ، عن عطاء بن أبي مروان ، عن أبيه قال : خرجنا مع عمر بن الخطاب نستسقي ، فما زاد على الاستغفار .

[ ص: 434 ] وعن وكيع ، عن سفيان ، عن مطرف ، عن الشعبي : أن عمر خرج يستسقي ، فصعد المنبر ، فقال ( استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا ) ، واستغفروا ربكم إنه كان غفارا ، ثم نزل ، فقيل : يا أمير المومنين ، لو استسقيت ، فقال : لقد طلبت بمجاديح السماء التي يستنزل بها القطر .

وروينا من وجوه عن عمر - رحمه الله - أنه خرج يستسقي ، وخرج معه بالعباس ، فقال : اللهم إنا نتقرب إليك بعم نبيك ، ونستشفع به ، فاحفظ فيه نبيك كما حفظت الغلامين لصلاح أبيهما ، وأتيناك مستغفرين مستشفعين ، ثم أقبل على الناس ، فقال ( استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ) إلى قوله ( وأنهارا ) . ثم قال العباس - وعيناه تنضحان - فطال عمر ، ثم قال : اللهم أنت الراعي لا تهمل الضالة ، ولا تدع الكسير بدار مضيعة ، فقد ضرع الصغير ، ورق الكبير ، وارتفعت الشكوى ، وأنت تعلم السر والنجوى ، اللهم فأغثهم بغياثك من قبل أن يقنطوا فيهلكوا ، فإنه لا ييأس من روحك إلا القوم الكافرون . فنشأت طريرة من سحاب ، فقال الناس : ترون ترون . ثم تلاءمت واستتمت وهبت فيها ريح ، ثم هرت [ ص: 435 ] ودرت ، فوالله ما برحوا حتى اعتلقوا الحذاء ، وقلطوا المباز ، وطفق الناس بالعباس يمسحون أركانه ، ويقولون : هنيئا لك ساقي الحرمين .

وقد ذكرنا كثيرا من معاني هذا الباب في باب شريك بن أبي نمر من هذا الكتاب .




الخدمات العلمية