الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            باب هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه الكريمة من مكة إلى المدينة ومعه أبو بكر الصديق رضي الله عنه

            وذلك أول التاريخ الإسلامي كما اتفق عليه الصحابة في الدولة العمرية ، كما بيناه في " سيرة عمر " رضي الله عنه وعنهم أجمعين .

            قال البخاري : بسنده عن ابن عباس ، قال : بعث النبي صلى الله عليه وسلم لأربعين سنة ، فمكث بمكة ثلاث عشرة يوحى إليه ، ثم أمر بالهجرة فهاجر عشر سنين ، ومات وهو ابن ثلاث وستين . وقد كانت هجرته ، عليه السلام ، في شهر ربيع الأول سنة ثلاث عشرة من بعثته عليه السلام ، وذلك في يوم الاثنين كما رواه الإمام أحمد ، عن ابن عباس ، أنه قال : ولد نبيكم يوم الاثنين ، وخرج من مكة يوم الاثنين ، ونبئ يوم الاثنين ، ودخل المدينة يوم الاثنين ، وتوفي يوم الاثنين .

            قال محمد بن إسحاق : وكان أبو بكر حين استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الهجرة ، فقال له : " لا تعجل ، لعل الله أن يجعل لك صاحبا " . قد طمع بأن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما يعني نفسه ، فابتاع راحلتين ، فحبسهما في داره يعلفهما إعدادا لذلك . قال الواقدي : اشتراهما بثمانمائة درهم .

            قال ابن إسحاق : فحدثني من لا أتهم ، عن عروة بن الزبير ، عن عائشة أم المؤمنين ، أنها قالت : كان لا يخطئ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتي بيت أبي بكر أحد طرفي النهار ، إما بكرة ، وإما عشية حتى إذا كان اليوم الذي أذن الله فيه لرسوله صلى الله عليه وسلم في الهجرة ، والخروج من مكة من بين ظهري قومه ، أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهاجرة في ساعة كان لا يأتي فيها ، قالت : فلما رآه أبو بكر ، قال : ما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الساعة إلا لأمر حدث . قالت : فلما دخل تأخر له أبو بكر عن سريره ، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وليس عند أبي بكر أحد إلا أنا وأختي أسماء بنت أبي بكر ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أخرج عني من عندك " . قال : يا رسول الله ، إنما هما ابنتاي وما ذاك : فداك أبي وأمي ؟ قال : " إن الله قد أذن لي في الخروج والهجرة " . قالت : فقال أبو بكر : الصحبة يا رسول الله ؟ قال : " الصحبة " . قالت : فوالله ما شعرت قط قبل ذلك اليوم أن أحدا يبكي من الفرح حتى رأيت أبا بكر يومئذ يبكي . ثم قال : يا نبي الله ، إن هاتين راحلتان كنت أعددتهما لهذا . فاستأجرا عبد الله بن أرقط . قال ابن هشام ويقال : عبد الله بن أريقط . رجلا من بني الديل بن بكر ، وكانت أمه من بني سهم بن عمرو ، وكان مشركا - يدلهما على الطريق ، ودفعا إليه راحلتيهما ، فكانتا عنده يرعاهما لميعادهما .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية