الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ( فصل ) :

                                                                                                                                وأما بيان حكم الإعتاق وبيان وقت ثبوت حكمه فللإعتاق أحكام بعضها أصلي وبعضها من التوابع .

                                                                                                                                أما الحكم الأصلي للإعتاق : فهو ثبوت العتق ; لأن الإعتاق إثبات العتق والعتق في اللغة : عبارة عن القوة ، يقال : عتق الطائر ، إذا قوي فطار عن وكره ، وفي عرف الشرع : اسم لقوة حكمية للذات يدفع بها يد الاستيلاء والتملك عن نفسه ; ولهذا كان مقابله وهو الرق عبارة عن الضعف في اللغة يقال : ثوب رقيق أي : ضعيف وفي متعارف الشرع يراد به الضعف الحكمي الذي يصير به الآدمي محلا للتملك ، وعلى عبارة التحرير الحكم الأصلي للتحرير : هو ثبوت الحرية ; لأن التحرير هو إثبات الحرية وهي الخلوص يقال : طين حر أي : خالص وأرض حرة ، إذا لم يكن عليها خراج ، وفي عرف الشرع يراد بها الخلوص عن الملك والرق ، وهذا الحكم يعم جميع أنواع الإعتاق غير أنه إن كان تنجيزا ثبت هذا الحكم للحال وإن كان تعليقا بشرط أو إضافة إلى وقت يثبت بعد وجود الشرط والوقت ، ويكون المحل قبل ذلك على حكم ملك المالك في جميع الأحكام إلا في التعليق بشرط الموت المطلق وهو التدبير عندنا ، وكذا الاستيلاد ، ثم هذا الحكم قد يثبت في جميع ما أضيف إليه وقد يثبت في بعض ما أضيف إليه ، وجملة الكلام فيه أن الإعتاق لا يخلو .

                                                                                                                                إما إن كان في الصحة وإما إن كان في المرض .

                                                                                                                                فإن كان في الصحة عتق كله سواء كان له مال آخر أو لم يكن ، وسواء كان عليه دينا أو لم يكن ; لأن حق الورثة أو الغريم لا يتعلق بالمال حالة الصحة .

                                                                                                                                فالإعتاق صادف خالص ملكه [ ص: 99 ] لا حق لأحد فيه فنفذ .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية