الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم

                                                                                                                                                                                                إذا احتاج رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى اجتماعكم عنده لأمر فدعاكم فلا تفرقوا عنه إلا بإذنه ، ولا تقيسوا دعاءه إياكم على دعاء بعضكم بعضا ورجوعكم عن المجمع بغير إذن الداعي . أو لا تجعلوا تسميته ونداءه بينكم كما يسمي بعضكم بعضا ويناديه باسمه الذي سماه به أبواه ، ولا تقولوا : يا محمد ، ولكن يا نبي الله ، ويا رسول الله ، مع التوقير والتعظيم والصوت المخفوض والتواضع . ويحتمل : لا تجعلوا دعاء الرسول ربه مثل ما يدعو صغيركم وكبيركم وفقيركم غنيكم ، يسأله حاجة فربما أجابه وربما رده ، فإن دعوات رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مسموعة مستجابة "يتسللون" ينسلون قليلا قليلا . ونظير "تسلل " : "تدرج وتدخل " : واللواذ : الملاوذة ، وهو أن يلوذ هذا بذاك وذاك بهذا ، يعني : ينسلون عن الجماعة في الخفية على سبيل الملاوذة واستتار بعضهم ببعض . و "لواذا" حال ، أي : ملاوذين . وقيل : كان بعضهم يلوذ بالرجل إذا استأذن فيأذن له ، فينطلق الذي لم يؤذن له معه . وقرئ : "لواذا" بالفتح ، يقال : خالفه إلى الأمر ، إذا ذهب إليه دونه . ومنه قوله تعالى : وما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه [هود : 88 ] وخالفه عن الأمر : إذا صد عنه دونه . ومعنى الذين يخالفون عن أمره الذين يصدون عن أمره دون المؤمنين وهم المنافقون ، فحذف المفعول لأن الغرض ذكر المخالف والمخالف عنه . الضمير في أمره لله سبحانه أو للرسول -صلى الله عليه وسلم- . والمعنى : عن طاعته ودينه "فتنة" محنة في الدنيا أو يصيبهم عذاب أليم في الآخرة . وعن ابن عباس -رضي الله عنهما - : فتنة قتل . وعن عطاء : زلازل وأهوال . وعن جعفر بن محمد : يسلط عليهم سلطان جائر .

                                                                                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                                                                                الخدمات العلمية