الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وممن توفي فيها من الأعيان والأشراف :

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أبو مسعود الدمشقي ، إبراهيم بن محمد بن عبيد ، أبو مسعود الدمشقي

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الحافظ الكبير ، مصنف كتاب " الأطراف على الصحيحين " ، رحل إلى بلاد شتى كبغداد والبصرة والكوفة وواسط والأهواز وأصبهان وخراسان ، وكان من الحفاظ الصادقين الأمناء الضابطين ، ولم يرو إلا اليسير ، روى عنه أبو القاسم الطبري وأبو ذر الهروي وحمزة السهمي وغيرهم . وكانت وفاته ببغداد في رجب ، وأوصى إلى أبي حامد الإسفراييني ، فصلى عليه ، ودفن في مقبرة جامع المنصور قريبا من السكك رحمه الله ، وقد ترجمه ابن عساكر ، وأثنى عليه ، والله أعلم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      عميد الجيوش ، الحسن بن أبي جعفر أستاذ هرمز ، أبو علي ، الملقب [ ص: 534 ] بعميد الجيوش ، وزير بهاء الدولة ، ولد سنة خمسين وثلاثمائة ، وكان أبوه من حجاب عضد الدولة ، وولاه بهاء الدولة النظر في وزارت سنة ثنتين وتسعين ، والشرور عامة كثيرة ، فمهد البلاد وأخاف العيارين واستقامت به الأمور ، وأمر بعض غلمانه أن يحمل صينية فيها دراهم مكشوفة ، من أول بغداد إلى آخرها في أزقتها ، فإن اعترضه أحد فليدفعها إليه ، وليعرف ذلك المكان ، فذهب الغلام ، فلم يعترضه أحد ، ولله الحمد والمنة ، ومنع الروافض مما كانوا يتعاطونه من النياحة في عاشوراء ، وإقامة العيد المبتدع في اليوم الثامن عشر من ذي الحجة الذي يقال له : غدير خم . وكان عادلا منصفا ، رحمه الله .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      خلف بن محمد بن علي بن حمدون ، أبو محمد الواسطي

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      رحل إلى البلاد ، وسمع الكثير ، ثم عاد إلى بغداد ثم رحل إلى الشام ومصر ، وكتب الناس بانتخابه ، وصنف أطرافا على " الصحيحين " وكانت له معرفة تامة ، وحفظ جيد ، ثم عاد إلى بغداد واشتغل بالتجارة ، وترك النظر في العلم حتى توفي في هذه السنة ، رحمه الله وسامحه . وممن روى عنه الأزهري .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أبو عبيد الهروي ، صاحب " الغريبين " ، أحمد بن محمد بن محمد بن أبي عبيد العبدي

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      اللغوي البارع ، كان من علماء الناس في الأدب واللغة ، [ ص: 535 ] وكتابه " الغريبين " في معرفة غريب القرآن والحديث ، يدل على اطلاعه وتبحره في هذا الشأن ، وكان من تلامذة أبي منصور الأزهري .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال ابن خلكان : وقيل : إنه كان يحب البذلة ، ويتناول في الخلوة ، ويعاشر أهل الأدب في مجالس اللذة والطرب . سامحه الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال : وكانت وفاته في رجب سنة إحدى وأربعمائة .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وذكر ابن خلكان في هذه السنة أو التي قبلها وفاة أبي الفتح البستي الشاعر وهو :

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      علي بن محمد بن الحسين بن يوسف بن محمد بن عبد العزيز

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الكاتب صاحب الطريقة الأنيقة في التجنيس الأنيس ، البديع التأسيس ، والحذاقة والنظم والنثر ، وقد أسلفنا ذكره .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ومما أورد له ابن خلكان قوله : من أصلح فاسده أرغم حاسده . من أطاع غضبه أضاع أدبه . من سعادة جدك وقوفك عند حدك . المنية تضحك من الأمنية . الرشوة رشاء الحاجات . حد العفاف الرضا بالكفاف .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ومن شعره :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      إن هز أقلامه يوما ليعملها أنساك كل كمي هز عامله     وإن أقر على رق أنامله
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      أقر بالرق كتاب الأنام له

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 536 ] وله :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      إذا تحدثت في قوم لتؤنسهم     بما تحدث من ماض ومن آت
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فلا تعد لحديث إن طبعهم     موكل بمعاداة المعادات

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية