الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                الفصل الثالث عشر : في الحكم ، وأقسامه :

                                                                                                                [ ص: 66 ] الحكم الشرعي هو خطاب الله القديم المتعلق بأفعال المكلفين بالاقتضاء ، أو التخيير .

                                                                                                                فالقديم احترازا من نصوص أدلة الحكم ، فإنها خطاب الله ، وليست حكما ، وإلا اتحد الدليل والمدلول ، وهي محدثة ، والمكلفين احترازا من المتعلق بالجماد ، وغيره ، والاقتضاء احترازا من الخبر ، وقولنا : أو التخيير ليدخل المباح .

                                                                                                                واختلف في أقسامه ، فقيل خمسة : الوجوب ، والتحريم ، والندب ، والكراهة ، والإباحة .

                                                                                                                وقيل أربعة : والمباح ليس من الشرع .

                                                                                                                وقيل اثنان : التحريم ، والإباحة ، وفسرت بجواز الإقدام الذي يشمل الوجوب ، والندب ، والكراهة ، والإباحة ، وعلى هذا المذهب يتخرج قوله - صلى الله عليه وسلم - : أبغض المباح إلى الله الطلاق .

                                                                                                                فإن البغضة تقتضي رجحان طرف الترك ، والرجحان مع التساوي محال .

                                                                                                                والواجب : ما ذم تاركه شرعا ، والمحرم : ما ذم فاعله شرعا ، وقيد الشرع احترازا من العرف ، والمندوب : ما رجح فعله على تركه شرعا من غير ذم ، والمكروه : ما رجح تركه على فعله شرعا من غير ذم ، والمباح : ما استوى طرفاه في نظر الشرع .

                                                                                                                تنبيه : ليس كل واجب يثاب على فعله ، ولا كل محرم يثاب على تركه .

                                                                                                                أما الأول : فكنفقات الزوجات ، والأقارب ، والدواب ، ورد المغصوب ، والودائع ، والديون ، والعواري ، فإنها واجبة ، وإذا فعلها الإنسان غافلا عن امتثال أمر الله تعالى فيها وقعت واجبة مجزئة مبرئة للذمة ، ولا ثواب .

                                                                                                                [ ص: 67 ] وأما الثاني : فلأن المحرمات يخرج الإنسان عن عهدتها بمجرد تركها ، وإن لم يشعر بها ، فضلا عن القصد إليها حتى ينوي امتثال أمر الله تعالى فيها ، فلا ثواب حينئذ . نعم متى اقترن قصد الامتثال في الجميع حصل الثواب .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية