الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله تعالى ( يسومونكم سوء العذاب )

وفي قوله : ( يسومونكم ) وجهان من التأويل ، أحدهما : أن يكون خبرا مستأنفا عن فعل فرعون ببني إسرائيل ، فيكون معناه حينئذ : واذكروا نعمتي عليكم إذ نجيتكم من آل فرعون وكانوا من قبل يسومونكم سوء العذاب . وإذا كان ذلك تأويله كان موضع " يسومونكم " رفعا .

والوجه الثاني : أن يكون " يسومونكم " حالا فيكون تأويله حينئذ : وإذ نجيناكم [ ص: 40 ] من آل فرعون سائميكم سوء العذاب ، فيكون حالا من آل فرعون .

وأما تأويل قوله : ( يسومونكم ) فإنه : يوردونكم ، ويذيقونكم ، ويولونكم ، يقال منه : " سامه خطة ضيم " ، إذا أولاه ذلك وأذاقه ، كما قال الشاعر :


إن سيم خسفا وجهه تربدا



فأما تأويل قوله : ( سوء العذاب ) فإنه يعني : ما ساءهم من العذاب . وقد قال بعضهم : أشد العذاب ; ولو كان ذلك معناه لقيل : أسوأ العذاب .

فإن قال لنا قائل : وما ذلك العذاب الذي كانوا يسومونهم الذي كان يسوؤهم ؟

قيل : هو ما وصفه الله تعالى في كتابه فقال : ( يذبحون أبناءكم ويستحيون نساءكم ) ، وقد قال محمد بن إسحاق في ذلك ما : -

889 - حدثنا به ابن حميد ، قال : حدثنا سلمة ، قال : أخبرنا ابن إسحاق ، قال : كان فرعون يعذب بني إسرائيل فيجعلهم خدما وخولا وصنفهم في أعماله ، فصنف يبنون ، [ وصنف يحرثون ] ، وصنف يزرعون له ، فهم في أعماله ، ومن لم يكن منهم في صنعة [ له ] من عمله : فعليه الجزية - فسامهم - كما قال الله عز وجل : سوء العذاب . [ ص: 41 ] وقال السدي : جعلهم في الأعمال القذرة ، وجعل يقتل أبناءهم ، ويستحيي نساءهم :

890 - حدثني بذلك موسى بن هارون ، قال : حدثنا عمرو بن حماد ، قال : حدثنا أسباط عن السدي .

التالي السابق


الخدمات العلمية