الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
فصل [ في حذف النون ]

ويلحق بهذا القسم حذف النون الذي هو لام فعل ، فيحذف تنبيها على صغر مبدأ الشيء وحقارته ، وأن منه ينشأ ويزيد ، إلى ما لا يحيط بعلمه غير الله ، مثل : ألم يك نطفة ( القيامة : 37 ) ، حذفت النون تنبيها على مهانة مبتدأ الإنسان وصغر قدره بحسب ما يدرك هو من نفسه ، ثم يترقى في أطوار التكوين فإذا هو خصيم مبين ( يس : 77 ) ، فهو حين كان نطفة كان ناقص الكون ; كذلك كل مرتبة ينتهي إليها كونه وهي ناقصة الكون بالنسبة لما بعدها ، فالوجود الدنيوي كله ناقص الكون عن كون الآخرة ، كما قال الله تعالى : وإن الدار الآخرة لهي الحيوان ( العنكبوت : 64 ) .

[ ص: 38 ] كذلك : وإن تك حسنة يضاعفها ( النساء : 40 ) حذفت النون تنبيها على أنها وإن كانت صغيرة المقدار ، حقيرة في الاعتبار ، فإن إليه ترتيبها وتضاعيفها . ومثله : إن تك مثقال حبة من خردل ( لقمان : 16 ) .

وكذلك : أو لم تك تأتيكم رسلكم ( غافر : 50 ) جاءتهم الرسل من أقرب شيء في البيان ، الذي أقل من مبدأ فيه وهو الحس ، إلى العقل ، إلى الذكر ، ورقوهم من أخفض رتبة - وهى الجهل - إلى أرفع درجة في العلم - وهي اليقين - وهذا بخلاف قوله تعالى : ألم تكن آياتي تتلى عليكم ( المؤمنون : 105 ) ; فإن كون تلاوة الآيات قد أكمل كونه وتم . وكذلك : ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها ( النساء : 97 ) ، هذا قد تم كونه . وكذلك : لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب ( البينة : 1 ) ، هذا قد تم كونهم غير منفكين إلى تلك الغاية المجعولة لهم ، وهى مجيء البينة .

وكذلك : فلم يك ينفعهم إيمانهم ( غافر : 85 ) ، انتفى عن إيمانهم مبدأ الانتفاع وأقله ، فانتفى أصله .

التالي السابق


الخدمات العلمية