الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " وإن لبى يريد الإحرام ولم ينو حجا ولا عمرة فله الخيار أيهما شاء " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وهذا صحيح ، للإحرام حالان ، حال تقييد وحال إطلاق .

                                                                                                                                            فأما المقيد فهو أن ينوي الإحرام بحج أو عمرة أو بهما جميعا ، فلا يجوز أن ينصرف عما أحرم به ، ولا أن يبدل نسكا بغيره .

                                                                                                                                            وأما المطلق فهو أن ينوي إحراما موقوفا لا يقيده بحج ولا بعمرة ، ثم يصرفه فيما بعد فيما شاء بحج أو عمرة ، فهذا جائز ، والدلالة على جوازه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج وأصحابه مهلين ينتظرون القضاء على النبي صلى الله عليه وسلم ، فأمر من لا هدي معه أن يجعل إحرامه عمرة ، ومن معه هدي أن يجعله حجا ، ولبى علي بن أبي طالب ، وأبو موسى الأشعري رضي الله عنهما باليمين وقالا عند تلبيتهما : إهلال كإهلال رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرهما بالمقام على إحرامهما وروى عطاء عن جابر بن عبد الله قال : قدم علي من سقايته فقال له النبي صلى الله عليه وسلم بم أهللت يا علي ؟ قال : بما أهل به النبي صلى الله عليه وسلم قال :

                                                                                                                                            [ ص: 84 ] فاهد وامكث حراما كما أنت قال : فأهدى له علي هديا
                                                                                                                                            ، فدل هذا على جواز الإحرام الموقوف ، ولأن من أحرم عن غيره ولم يكن قد أحرم عن نفسه فإن إحرامه يصير عن نفسه ولو أحرم تطوعا ، أو نذرا ، وعليه حجة الإسلام ، كانت عن حجة الإسلام ، فثبت أن الإحرام ينعقد باعتقاده ، وإن لم يقيده بنسك ، لأنه قد ينوي ما لا يحصل له ، ومن هذا الوجه خالف الصلاة .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية