الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم . يوم تشهد عليهم [ ص: 25 ] ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق المبين

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: إن الذين يرمون المحصنات يعني: العفائف الغافلات عن الفواحش، لعنوا في الدنيا أي: عذبوا بالجلد وفي الآخرة بالنار .

                                                                                                                                                                                                                                      واختلف العلماء فيمن نزلت هذه الآية على أربعة أقوال .

                                                                                                                                                                                                                                      أحدها: أنها نزلت في عائشة خاصة . قال خصيف: سألت سعيد بن جبير عن هذه الآية، فقلت: من قذف محصنة لعنه الله؟ قال: لا، إنما أنزلت هذه الآية في عائشة خاصة .

                                                                                                                                                                                                                                      والثاني: أنها في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم خاصة، قاله الضحاك .

                                                                                                                                                                                                                                      والثالث: أنها في المهاجرات . قال أبو حمزة الثمالي: بلغنا أن المرأة كانت إذا خرجت إلى المدينة مهاجرة، قذفها المشركون من أهل مكة، وقالوا إنما خرجت تفجر، فنزلت هذه الآية .

                                                                                                                                                                                                                                      والرابع: أنها عامة في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهن، وبه قال قتادة، وابن زيد .

                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 26 ] فإن قيل: لم اقتصر على ذكر المحصنات دون الرجال؟

                                                                                                                                                                                                                                      فالجواب: [أن] من رمى مؤمنة فلا بد أن يرمي معها مؤمنا، فاستغني عن ذكر المؤمنين، ومثله: سرابيل تقيكم الحر [ النحل:81] أراد: والبرد، قاله الزجاج .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: يوم تشهد عليهم ألسنتهم وقرأ حمزة، والكسائي، وخلف: " يشهد " بالياء; وهو إقرارها بما تكلموا به من الفرية . قال أبو سليمان الدمشقي: وهؤلاء غير الذين يختم على أفواههم . وقال ابن جرير: المعنى: أن ألسنة بعضهم تشهد على بعض .

                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى: يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق أي: حسابهم العدل، وقيل: جزاءهم الواجب . وقرأ مجاهد، وأبو الجوزاء، وحميد بن قيس، والأعمش: " دينهم الحق " برفع القاف ويعلمون أن الله هو الحق المبين قال ابن عباس: وذلك أن عبد الله بن أبي كان يشك في الدين، فإذا كانت القيامة علم حيث لا ينفعه .

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية