الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              ( 2 ) باب الدليل أن فرض الجمعة على البالغين دون الأطفال ، وهذا من الجنس الذي نقول : إنه من الأخبار المعللة الذي يجوز القياس عليه ، قد بينته في عقب الخبر .

              1721 - أخبرنا أبو طاهر ، نا أبو بكر ، نا زكريا بن يحيى بن أبان المصري ، ثنا يحيى بن بكير ، ثنا المفضل بن فضالة ، حدثني عياش بن عباس ، ( ح ) ، وثنا محمد بن علي بن حمزة ، ثنا يزيد بن خالد وهو ابن موهب ، ثنا المفضل بن فضالة ، عن عياش بن عباس القتباني ، عن بكير بن عبد الله بن الأشج ، عن نافع ، عن ابن عمر ، عن حفصة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " على كل محتلم رواح الجمعة ، وعلى من راح الجمعة الغسل " .

              قال أبو بكر : هذه اللفظة : " على كل محتلم رواح الجمعة " من اللفظ [ ص: 831 ] الذي نقول : إن الأمر إذا كان لعلة فالتمثيل والتشبيه به جائز متى كانت العلة قائمة فالأمر واجب ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما علم أن على المحتلم رواح الجمعة ؛ لأن الاحتلام بلوغ ، فمتى كان البلوغ وإن لم يكن احتلام وكان البلوغ بغير احتلام ، ففرض الجمعة واجب على كل بالغ وإن كان بلوغه بغير احتلام ، ولو كان على غير أصلنا وكان على أصل من خالفنا في التشبيه والتمثيل ، وزعم أن الأمر لا يكون لعلة ، ولا يكون إلا تعبدا ، لكان من بلغ عشرين سنة وثلاثين سنة وهو حر عاقل ، فسمع الأذان للجمعة في المصر أو هو على باب المسجد لم يجب عليه رواح الجمعة إن لم يكن احتلم ؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعلم أن رواح الجمعة على المحتلم ، وقد يعيش كثير من الناس السنين الكثيرة فلا يحتلم أبدا ، وهذا كقوله - عز وجل - : وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا كما استأذن الذين من قبلهم فإنما أمر الله - عز وجل - بالاستئذان من قد بلغ الحلم ، إذ الحلم بلوغ ، ولو لم يجز الحكم بالتشبيه والنظير كان من بلغ ثلاثين سنة ولم يحتلم لم يجب عليه الاستئذان ، وهذا كخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - : " رفع القلم عن ثلاثة " ، قال في الخبر : " وعن الصبي حتى يحتلم " ، ومن لم يحتلم وبلغ من السن ما يكون إدراكا من غير احتلام فالقلم عنه غير مرفوع ، إذ النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما أراد بقوله : " حتى يحتلم " : أن الاحتلام بلوغ ، فمتى كان البلوغ - وإن كان بغير احتلام - فالحكم عليه ، والقلم جار عليه ، كما يكون بعد الاحتلام " .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية