الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                      قوله تعالى : ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع .

                                                                                                                                                                                                                                      أخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والطبراني ، والبيهقي في «شعب الإيمان»، عن ابن عباس في قوله : ولنبلونكم الآية ، قال : أخبر الله المؤمنين أن الدنيا دار بلاء، وأنه مبتليهم فيها، وأمرهم بالصبر، وبشرهم، فقال : وبشر الصابرين وأخبر أن المؤمن إذا سلم لأمر الله، ورجع واسترجع عند المصيبة ، كتب الله له ثلاث خصال من الخير ؛ الصلاة من الله، والرحمة، وتحقيق سبيل الهدى .

                                                                                                                                                                                                                                      وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من استرجع عند [ ص: 72 ] المصيبة جبر الله مصيبته، وأحسن عقباه، وجعل له خلفا صالحا يرضاه" .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، عن عطاء في قوله : ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع قال : هم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج سفيان بن عيينة ، وعبد بن حميد ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي في «شعب الإيمان»، عن جويبر قال : كتب رجل إلى الضحاك يسأله عن هذه الآية : إنا لله وإنا إليه راجعون ؛ أخاصة هي أم عامة؟ فقال : هي لمن أخذ بالتقوى، وأدى الفرائض .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله : ولنبلونكم قال : ولنبتلينكم . يعني المؤمنين، وبشر الصابرين قال : على أمر الله في المصائب . يعني : بشرهم بالجنة، أولئك عليهم يعني : على من صبر على أمر الله عند المصيبة، صلوات يعني : مغفرة من ربهم ورحمة يعني : رحمة لهم، وأمنة من العذاب، وأولئك هم المهتدون يعني : من المهتدين بالاسترجاع عند المصيبة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، عن رجاء [ ص: 73 ] ابن حيوة في قوله : ونقص من الثمرات . قال : يأتي على الناس زمان لا تحمل النخلة فيه إلا تمرة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن جرير ، وابن المنذر ، من طريق رجاء بن حيوة، عن كعب، مثله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الطبراني ، وابن مردويه ، عن ابن عباس قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : "أعطيت أمتي شيئا لم يعطه أحد من الأمم ؛ أن يقولوا عند المصيبة : "إنا لله وإنا إليه راجعون " .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج وكيع ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، والبيهقي في «شعب الإيمان»، عن سعيد بن جبير قال : لقد أعطيت هذه الأمة عند المصيبة شيئا لم يعطه الأنبياء قبلهم، ولو أعطيها الأنبياء لأعطيها يعقوب إذ يقول : يا أسفى على يوسف ؛ إنا لله وإنا إليه راجعون ولفظ البيهقي قال : لم يعط أحد من الأمم الاسترجاع غير هذه الأمة، أما سمعت قول يعقوب : يا أسفى على يوسف ؟ .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، عن قتادة : الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون قال : من استطاع أن يستوجب لله في مصيبته ثلاثا؛ الصلاة والرحمة والهدى فليفعل، ولا قوة إلا بالله؛ فإنه من استوجب على الله حقا بحق أحقه الله له، ووجد الله وفيا .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج وكيع ، وسعيد بن منصور ، وعبد بن حميد ، وابن أبي الدنيا في كتاب «العزاء» ، وابن المنذر ، والحاكم وصححه، والبيهقي في «شعب الإيمان»، عن عمر بن الخطاب قال : نعم العدلان، ونعم العلاوة : الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة نعم العدلان، وأولئك هم المهتدون نعم العلاوة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي الدنيا، والبيهقي ، من طريق عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو قال : أربع من كن فيه بنى الله له بيتا في الجنة ؛ من كان عصمة أمره لا إله إلا الله، وإذا أصابته مصيبة قال : إنا لله وإنا إليه راجعون . وإذا أعطي شيئا قال : الحمد لله . وإذا أذنب ذنبا قال : أستغفر الله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي الدنيا في «العزاء» ، عن علي ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من صبر على المصيبة حتى يردها بحسن عزائها، كتب الله له ثلاثمائة درجة ، ما بين الدرجة إلى الدرجة كما بين السماء والأرض" .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي الدنيا في «العزاء» ، عن يونس بن يزيد قال : سألت ربيعة بن أبي عبد الرحمن : ما منتهى الصبر ؟ قال : يكون يوم تصيبه المصيبة [ ص: 75 ] مثله قبل أن تصيبه .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي الدنيا في كتاب «الاعتبار»، عن عمر بن عبد العزيز ، أن سليمان بن عبد الملك قال له عند موت ابنه : أيصبر المؤمن حتى لا يجد لمصيبته ألما؟ قال : يا أمير المؤمنين ، لا يستوي عندك ما تحب وما تكره، ولكن الصبر معول المؤمن .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أحمد ، وابن ماجه ، والبيهقي في «شعب الإيمان»، عن الحسين بن علي، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "ما من مسلم يصاب بمصيبة، فيذكرها وإن طال عهدها، فيحدث لذلك استرجاعا، إلا جدد الله له عند ذلك، فأعطاه مثل أجرها يوم أصيب" .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج سعيد بن منصور ، والعقيلي في «الضعفاء»، من حديث عائشة، مثله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الحكيم الترمذي، عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ما من نعمة وإن تقادم عهدها، فيجدد لها العبد الحمد، إلا جدد الله له ثوابها، وما من مصيبة، وإن تقادم عهدها، فيجدد لها العبد الاسترجاع، إلا جدد الله له ثوابها وأجرها" . [ ص: 76 ] وأخرج ابن أبي الدنيا في «العزاء» ، عن سعيد بن المسيب رفعه : "من استرجع بعد أربعين سنة، أعطاه الله ثواب مصيبته يوم أصيبها" .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي الدنيا ، عن كعب قال : ما من رجل تصيبه مصيبة، فيذكرها بعد أربعين سنة، فيسترجع، إلا أجرى الله له أجرها تلك الساعة كما أنه لو استرجع يوم أصيب .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أحمد، والبيهقي في «شعب الإيمان»، عن أم سلمة قالت : أتاني أبو سلمة يوما من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : لقد سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم قولا سررت به ، قال : "لا يصيب أحدا من المسلمين مصيبة، فيسترجع عند مصيبته، ثم يقول : اللهم أجرني في مصيبتي، وأخلف لي خيرا منها . إلا فعل ذلك به" . قالت أم سلمة : فحفظت ذلك منه ، فلما توفي أبو سلمة استرجعت فقلت : اللهم أجرني في مصيبتي، وأخلف لي خيرا منها . ثم رجعت إلى نفسي، وقلت من أين لي خير من أبي سلمة ؟ فأبدلني الله بأبي سلمة خيرا منه؛ رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج مسلم ، عن أم سلمة قالت : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول : إنا لله وإنا إليه راجعون ، اللهم أجرني في مصيبتي، وأخلف لي خيرا منها . إلا أجره الله في مصيبته، وأخلف له خيرا منها" . قالت : [ ص: 77 ] فلما توفي أبو سلمة قلت كما أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخلف الله لي خيرا منه ؛ رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أحمد، والترمذي وحسنه، والبيهقي في «شعب الإيمان»، عن أبي موسى قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إذا مات ولد العبد قال الله لملائكته : قبضتم ولد عبدي ؟ فيقولون : نعم . فيقول : قبضتم ثمرة فؤاده ؟ فيقولون : نعم . فيقول : ماذا قال عبدي ؟ فيقولون : حمدك واسترجع . فيقول الله : ابنوا لعبدي بيتا في الجنة ، وسموه بيت الحمد" .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الطبراني ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن للموت فزعا ، فإذا أتى أحدكم وفاة أخيه فليقل : إنا لله وإنا إليه راجعون، وإنا إلى ربنا لمنقلبون" .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي الدنيا في «العزاء» ، عن أبي بكر بن أبي مريم : سمعت أشياخنا يقولون : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "إن أهل المصيبة لتنزل بهم فيجزعون وتسوء رعتهم، فيمر بها مار من الناس فيقول : إنا لله وإنا إليه راجعون . فيكون فيها أعظم أجرا من أهلها" .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الطبراني بسند ضعيف ، عن أبي أمامة قال : انقطع قبال النبي صلى الله عليه وسلم [ ص: 78 ] فاسترجع ، فقالوا : مصيبة يا رسول الله ؟ فقال : "ما أصاب المؤمن مما يكره فهو مصيبة" .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البزار بسند ضعيف، والبيهقي في «شعب الإيمان»، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "إذا انقطع شسع أحدكم فليسترجع فإنها من المصائب" .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البزار بسند ضعيف ، عن شداد بن أوس مرفوعا، مثله .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي الدنيا في «العزاء» ، عن شهر بن حوشب رفعه قال : "من انقطع شسعه فليقل : إنا لله وإنا إليه راجعون . فإنها مصيبة" .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي شيبة ، وابن أبي الدنيا ، عن عون بن عبد الله قال : كان ابن مسعود يمشي فانقطع شسعه، فاسترجع، فقيل : تسترجع على مثل هذا ! قال : مصيبة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن سعد ، وعبد بن حميد ، وابن أبي شيبة ، وهناد ، وعبد الله بن أحمد في «زوائد الزهد» ، وابن المنذر ، والبيهقي في «شعب الإيمان» عن عمر بن الخطاب ، أنه انقطع شسعه فقال : إنا لله وإنا إليه [ ص: 79 ] راجعون . فقيل له : مالك؟ فقال : انقطع شسعي، فساءني، وما ساءك فهو لك مصيبة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي الدنيا في «الأمل»، والديلمي ، عن أنس ، أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا اتخذ قبالا من حديد، فقال : "أما أنت أطلت الأمل ، إن أحدكم إذا انقطع شسعه، فقال : إنا لله وإنا إليه راجعون . كان عليه من ربه الصلاة والهدى والرحمة ، وذلك خير له من الدنيا" .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، وابن أبي الدنيا في «العزاء» ، عن عكرمة قال : طفئ سراج النبي صلى الله عليه وسلم فقال : "إنا لله وإنا إليه راجعون" . فقيل : يا رسول الله، أمصيبة هي ؟ قال : "نعم، وكل ما يؤذي المؤمن فهو مصيبة له وأجر" .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي الدنيا ، عن عبد العزيز بن أبي رواد قال : بلغني أن المصباح طفئ، فاسترجع النبي صلى الله عليه وسلم، قال : "كل ما ساءك مصيبة" .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الطبراني، وسمويه في «فوائده» ، عن أبي أمامة قال : خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فانقطع شسع النبي صلى الله عليه وسلم، فقال : "إنا لله وإنا إليه راجعون" . فقال له رجل : هذا الشسع ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إنها مصيبة" .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن السني في «عمل يوم وليلة»، عن أبي إدريس الخولاني قال : بينا النبي صلى الله عليه وسلم يمشي هو وأصحابه إذ انقطع شسعه، فقال : "إنا لله وإنا إليه [ ص: 80 ] راجعون" . قالوا : أومصيبة هي ؟ قال : "نعم، كل شيء ساء المؤمن فهو مصيبة" .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الديلمي عن عائشة قالت : أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي هو وأصحابه وقد لدغته شوكة في إبهامه ، فجعل يسترجع منها ويمسحها ، فلما سمعت استرجاعه دنوت منه، فنظرت، فإذا أثر حقير ، فضحكت، فقلت : يا رسول الله ، بأبي أنت وأمي، أكل هذا الاسترجاع من أجل هذه الشوكة ؟ فتبسم، ثم ضرب على منكبي، فقال : "يا عائشة، إن الله عز وجل إذا أراد أن يجعل الصغير كبيرا جعله، وإذا أراد أن يجعل الكبير صغيرا جعله" .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، عن الحسن قال : إذا فاتتك صلاة في جماعة، فاسترجع فإنها مصيبة .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد عن سوار بن داود ، أن سعيد بن المسيب جاء وقد فاتته الصلاة في الجماعة ، فاسترجع حتى سمع صوته خارجا من المسجد .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد الرزاق في «المصنف» ، وعبد بن حميد ، عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "الصبر عند الصدمة الأولى، والعبرة لا يملكها ابن آدم ؛ صبابة المرء إلى أخيه" .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن سعد ، عن خيثمة قال : لما جاء عبد الله بن مسعود نعي أخيه عتبة [ ص: 81 ] دمعت عيناه ، فقال : إن هذه رحمة جعلها الله ، لا يملكها ابن آدم .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أحمد ، وعبد بن حميد ، والبخاري ، ومسلم ، وأبو داود ، والترمذي ، والنسائي ، عن أنس ، أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى امرأة تبكي على صبي لها ، فقال لها : "اتقي الله واصبري" . فقالت : وما تبالي أنت بمصيبتي ! فلما ذهب قيل لها : إنه رسول الله . فأخذها مثل الموت ، فأتت بابه، فلم تجد عليه بوابين ، فقالت : لم أعرفك يا رسول الله . فقال : "إنما الصبر عند أول صدمة" .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، والترمذي ، وابن ماجه ، والبيهقي في «شعب الإيمان»، عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أيما مسلمين مضى لهما ثلاثة من أولادهما لم يبلغوا حنثا، كانوا لهما حصنا حصينا من النار" . قال أبو ذر : مضى لي اثنان يا رسول الله قال : "واثنان" . قال أبو المنذر سيد القرأة : مضى لي واحد يا رسول الله . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "وواحد، وذلك في الصدمة الأولى" .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج عبد بن حميد ، عن كريب بن حسان قال : توفي رجل منا ، فوجد به أبوه أشد الوجد ، فقال له رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقال له حوشب : ألا [ ص: 82 ] أحدثكم بمثلها شهدتها من النبي صلى الله عليه وسلم ؛ كان رجل يأتي النبي صلى الله عليه وسلم ومعه ابن له ، توفي ، فوجد به أبوه أشد الوجد ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : "ما فعل فلان؟" . قالوا : يا رسول الله، توفي ابنه الذي كان يختلف معه إليك . فلقيه النبي صلى الله عليه وسلم فقال : "يا فلان، أيسرك أن ابنك عندك كأجرى الغلمان جريا ؟ يا فلان، أيسرك أن ابنك عندك كأنشط الغلمان نشاطا ؟ يا فلان، أيسرك أن ابنك عندك كأجود الكهول كهلا ، أو يقال لك : ادخل الجنة ثواب ما أخذ منك؟" .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أحمد ، وعبد بن حميد ، والنسائي ، والحاكم وصححه، والبيهقي في «شعب الإيمان»، عن معاوية بن قرة، عن أبيه قال : كان رجل يختلف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه بني له ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم : "أتحبه ؟" قال : يا رسول الله، أحبك الله كما أحبه . ففقده رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال : "ما فعل ابن فلان ؟" قالوا : مات ، قال : فلقيه النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال : "أما تحب أن لا تأتي بابا من أبواب الجنة تستفتحه إلا جاء يسعى حتى يفتحه لك؟" قالوا : يا رسول الله، أله وحده أم لكلنا ؟ قال : "بل لكلكم" .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البخاري عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "قال الله عز وجل : ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم [ ص: 83 ] احتسبه، إلا الجنة" .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج مالك في «الموطأ»، والبيهقي في «شعب الإيمان»، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "ما يزال المؤمن يصاب في ولده وحامته حتى يلقى الله وليست له خطيئة" .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أحمد، والطبراني ، عن عقبة بن عامر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من أثكل ثلاثة من صلبه، فاحتسبهم على الله، وجبت له الجنة" .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج البزار، والحاكم وصححه ، عن بريدة قال : كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فبلغه أن امرأة من الأنصار مات ابن لها ، فجزعت عليه ، فقام النبي صلى الله عليه وسلم ومعه أصحابه ، فلما دخل عليها، قال : "أما إنه قد بلغني أنك جزعت" . فقالت : ما لي لا أجزع وأنا رقوب لا يعيش لي ولد . فقال : "إنما الرقوب التي يعيش ولدها ، إنه لا يموت لامرأة مسلمة ثلاثة من الولد فتحتسبهم، إلا وجبت لها الجنة" . فقال عمر : واثنين ؟ قال : "واثنين" .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج مالك في «الموطأ» ، عن أبي النضر السلمي، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "لا يموت لأحد من المسلمين ثلاثة من الولد فيحتسبهم، إلا كانوا له جنة [ ص: 84 ] من النار" . فقالت امرأة : أو اثنان ؟ قال : "أو اثنان" .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أحمد، والبيهقي في «شعب الإيمان» ، عن جابر : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "من مات له ثلاثة من الولد فاحتسبهم، دخل الجنة" . قلنا : يا رسول الله، واثنان؟ قال : "واثنان" .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي الدنيا في «العزاء» عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من احتسب ثلاثة من صلبه دخل الجنة" . فقالت امرأة : واثنين؟ قال : "واثنين" .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أحمد ، عن معاذ بن جبل قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ما من مسلمين يتوفى لهما ثلاثة إلا أدخلهما الله الجنة بفضل رحمته إياهم" . فقالوا : يا رسول الله ، أو اثنان ؟ قال : "أو اثنان" . قالوا : أو واحد ؟ قال : "أو واحد" . ثم قال : "والذي نفسي بيده ، إن السقط ليجر أمه بسرره إلى الجنة إذا احتسبته" .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج الطبراني ، عن جابر بن سمرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من دفن ثلاثة فصبر عليهم واحتسب، وجبت له الجنة" . فقالت أم أيمن : واثنين ؟ قال : [ ص: 85 ] واثنين . قالت : وواحد ؟ فسكت، ثم قال : "وواحد" .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أحمد ، وابن قانع في «معجم الصحابة» ، وابن منده في «المعرفة»، عن حوشب الحميري، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "من مات له ولد فصبر واحتسب ، قيل له : ادخل الجنة بفضل ما أخذنا منك" .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج النسائي ، وابن حبان ، والطبراني ، والحاكم وصححه، والبيهقي في «شعب الإيمان» عن أبي سلمى قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "بخ بخ لخمس ما أثقلهن في الميزان ؛ لا إله إلا الله، والله أكبر، وسبحان الله، والحمد لله، والولد الصالح يتوفى للمؤمن فيحتسبه" .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن أبي الدنيا في «العزاء»، والبيهقي ، عن أنس قال : توفي ابن لعثمان بن مظعون، فاشتد حزنه عليه ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : "إن للجنة ثمانية أبواب، وللنار سبعة أبواب ، أفما يسرك أن لا تأتي بابا منها إلا وجدت ابنك إلى جنبك، آخذا بحجزتك، يشفع لك إلى ربك ؟" قال : بلى . قال المسلمون : [ ص: 86 ] يا رسول الله، ولنا في أفراطنا ما لعثمان؟ قال : "نعم ، لمن صبر منكم واحتسب" .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج النسائي، عن ابن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن الله لا يرضى لعبده المؤمن إذا ذهب بصفيه من أهل الأرض فصبر واحتسب، بثواب دون الجنة" .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج أبو نعيم في «الحلية»، عن أبي سعيد الخدري : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "قسم الله العقل على ثلاثة أجزاء ، فمن كن فيه فهو العاقل، ومن لم يكن فيه فلا عقل له ؛ حسن المعرفة بالله، وحسن الطاعة لله، وحسن الصبر لله" .

                                                                                                                                                                                                                                      وأخرج ابن سعد ، عن مطرف بن عبد الله بن الشخير ، أنه مات ابنه عبد الله ، فخرج وهو مترجل في ثياب حسنة ، فقيل له في ذلك ، فقال : قد وعدني الله على مصيبتي ثلاث خصال، كل خصلة منها أحب إلي من الدنيا كلها ؛ قال الله : الذين إذا أصابتهم مصيبة إلى قوله : المهتدون أفأستكين لها بعد هذا ؟!

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية