الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
صفحة جزء
فصل

فيما كتبت الألف فيه واوا على لفظ التفخيم

وذلك في أربعة أصول مطردة ، وأربعة أحرف متفرعة .

فالأربعة الأصول هي : " " الصلوة " " ( البقرة : 3 ) ، و " " الزكوة " " ( البقرة : 43 ) ، و " " الحيوة " " ( البقرة : 85 ) ، و " " الربوا " " ( البقرة : 275 ) .

والأربعة الأحرف قوله في الأنعام والكهف : " " بالغدوة " " والنور : " " كمشكوة " " ( الآية : 35 ) ، وفى المؤمن : " " النجوة " " ( غافر : 41 ) وفى النجم : " " ومنوة " " ( الآية : 20 ) .

فأما قوله : وما كان صلاتهم ( الأنفال : 35 ) ، إن صلاتي ( الأنعام : 162 ) ، حياتنا الدنيا ( الأنعام : 29 ) ، وما آتيتم من ربا ( الروم : 39 ) ، فالرسم بالألف في الكل .

[ ص: 39 ] والقصد بذلك تعظيم شأن هذه الأحرف ; فإن الصلاة والزكاة عمودا الإسلام ، والحياة قاعدة النفس ، ومفتاح البقاء ، وترك الربا قاعدة الأمان ، ومفتاح التقوى ، ولهذا قال : " " اتقوا الله وذروا ما بقي من الربوا " " ( البقرة : 278 ) ، إلى قوله : فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ( البقرة : 279 ) ، ويشتمل على أنواع الحرام ، وأنواع الخبائث ، وضروب المفاسد ; وهو نقيض الزكاة ; ولهذا قوبل بينهما في قوله : " " يمحق الله الربوا ويربي الصدقات " " ( البقرة : 276 ) واجتنابه أصل في التصرفات المالية ، وإنما كتبت بالألف في سورة الروم لأنه ليس العام الكلي ; لأن الكلي منفي في حكم الله عليه بالتحريم وفي نفي الكلي نفي جميع جزئياته .

فإن قلت : فلم كتب ( الزكوة ) هنا بالواو ؟ وهلا جرت على نظم ما قبلها من قوله : وما آتيتم من ربا ( الروم : 39 ) ؟ . قلت : لأن المراد بها الكلية في حكم الله ، ولذلك قال : فأولئك هم المضعفون ( الروم : 39 ) .

وأما كتاب " " النجوة " " ( غافر : 41 ) بالواو فلأنها قاعدة الطاعات ومفتاح السعادات ، قال الله تعالى : " " ويا قوم ما لي أدعوكم إلى النجوة " " ( غافر : 41 ) .

وأما الغدوة : فقاعدة الأزمان ، ومبدأ تصرف الإنسان ; مشتقة من الغدو .

وأما المشكوة : فقاعدة الهداية ، ومفتاح الولاية ، قال الله تعالى : يهدي الله لنوره من يشاء ( النور : 35 ) .

وأما منوة : فقاعدة الضلال ، ومفتاح الشرك والإضلال وقد وصفها الله بوصفين : أحدهما : يدل على تكثيرهم الإله من مثنى ومثلث . والثاني : يدل على الاختلاف والتغاير . فمن معطل ومشبه ، تعالى الإله عما يقولون !

التالي السابق


الخدمات العلمية