الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 717 ] بسم الله الرحمن الرحيم

تفسير سورة الناس

قال ابن عباس وغيره: هي مدنية، وقال قتادة : هي مكية.

قوله عز وجل:

قل أعوذ برب الناس ملك الناس إله الناس من شر الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس

"الوسواس" اسم من أسماء الشيطان، وهو أيضا ما توسوس به شهوات النفس وتسوله، وذلك هو الهوى الذي نهي المرء عن اتباعه، وأمر بمعصيته، والغضب الذي وصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بطرحه وتركه حين قال له رجل: أوصني، فقال: "لا تغضب"، قال زدني: قال: "لا تغضب".

وقوله تعالى: "الخناس" معناه: الراجح على عقبه، المستتر أحيانا، وذلك في الشيطان متمكن إذا ذكر العبد الله تعالى وتعوذ، وتذكر فأبصر، كما قال تعالى: إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون ، وإذا فرضنا ذلك في الشهوات والغضب ونحوهما فهو يخنس بتذكير النفس اللوامة، وبلمة الملك، وبأن الحياء يردع والإيمان يردع بقوة، فتخنس تلك العوارض المتحركة، وتنقمع عند [ ص: 718 ] من أعين بتوفيق الله، وقد اندرج هذان المعنيان من الوسواس في قوله تعالى: من الجنة والناس ، أي من الشياطين ونفس الإنسان.

ويظهر أيضا أن يكون قوله تعالى: "والناس" يراد به من يوسوس بخدعه من البشر، ويدعو إلى الباطل، فهو في ذلك كالشيطان.

وكلهم قرأ: "الناس" غير ممالة، وروى الدوري عن الكسائي أنه أمال النون من "الناس" في حال الخفض، ولا يميل في الرفع والنصب.

وقالت عائشة رضي الله عنها: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه جمع كفيه ونفث فيهما، وقرأ: "قل هو الله أحد، والمعوذتين"، ثم يمسح بهما ما استطاع من جسده، يبدأ برأسه ووجهه وما أقبل من جسده، ففعل ذلك ثلاثا". وقال قتادة رحمه الله: إن من الناس شياطين، ومن الجن شياطين، فتعوذوا بالله عز وجل من شياطين الإنس والجن.

كمل تفسير سورة [الناس] والحمد لله رب العالمين.

التالي السابق


الخدمات العلمية