الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة وقد خلت من قبلهم المثلات وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم وإن ربك لشديد العقاب

                                                                                                                                                                                                                                      ويستعجلونك بالسيئة بالعقوبة التي أنذروها، وذلك حين سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتيهم بالعذاب استهزاء منهم بإنذاره قبل الحسنة أي: العافية والإحسان إليهم بالإمهال. وقد خلت من قبلهم المثلات أي: عقوبات أمثالهم من المكذبين فما لهم لا يعتبرون بها، ولا يحترزون حلول مثلها [ ص: 7 ] بهم. والجملة الحالية لبيان ركاكة رأيهم في الاستعجال بطريق الاستهزاء، أي: يستعجلونك بها، مستهزئين بإنذارك، منكرين لوقوع ما أنذرتهم إياه. والحال أنه قد مضت العقوبات النازلة على أمثالهم من المكذبين، والمستهزئين. والمثلة بوزن السمرة العقوبة، سميت بها لما بينها وبين المعاقب عليه من المماثلة، ومنه المثال القصاص. وقرئ: (المثلات) بضمتين بإتباع الفاء العين. و "المثلات" بفتح الميم وسكون الثاء، كما يقال: السمرة. و "المثلات" بضم الميم وسكون الثاء. تخفيف المثلات جمع مثلة، كركبة وركبات. وإن ربك لذو مغفرة عظيمة للناس على ظلمهم أنفسهم بالذنوب، والمعاصي. ومحله النصب على الحالية، أي: ظالمين والعامل فيه المغفرة. والمعنى: إن ربك لغفور للناس لا يعجل لهم العقوبة وإن كانوا ظالمين، بل يمهلهم بتأخيرها. وإن ربك لشديد العقاب يعاقب من يشاء منهم حين يشاء. فتأخير ما استعجلوه ليس للإهمال، وعنه عليه الصلاة والسلام: "لولا عفو الله وتجاوزه ما هنأ لأحد العيش ، ولولا وعيده وعقابه لاتكل كل أحد".

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية