الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء أن القارن يطوف طوافا واحدا

                                                                                                          947 حدثنا ابن أبي عمر حدثنا أبو معاوية عن الحجاج عن أبي الزبير عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرن الحج والعمرة فطاف لهما طوافا واحدا قال وفي الباب عن ابن عمر وابن عباس قال أبو عيسى حديث جابر حديث حسن والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم قالوا القارن يطوف طوافا واحدا وهو قول الشافعي وأحمد وإسحق وقال بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم يطوف طوافين ويسعى سعيين وهو قول الثوري وأهل الكوفة

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( فطاف لهما طوافا واحدا ) استدل به من قال بكفاية الطواف الواحد للقارن ، وإليه ذهب الجمهور .

                                                                                                          [ ص: 17 ] قوله : ( وفي الباب عن ابن عمر ) أخرجه أحمد وابن ماجه مرفوعا : من قرن بين حجه وعمرته أجزأه لهما طواف واحد ، وأخرجه الترمذي أيضا ويأتي لفظه ( وابن عباس رضي الله عنه ) أخرجه ابن ماجه عن عطاء ، وطاوس ، ومجاهد عن جابر بن عبد الله ، وابن عمر ، وابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يطف هو ، وأصحابه لعمرتهم ، وحجتهم ـ حين قدموا ـ إلا طوافا واحدا ، وفي الباب أيضا عن عائشة قالت : خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع الحديث ، وفيه : فطاف الذين كانوا أهلوا بالعمرة بالبيت ، وبين الصفا والمروة ، ثم حلوا ثم طافوا طوافا آخر بعد أن رجعوا من منى لحجهم ، وأما الذين جمعوا الحج والعمرة فإنما طافوا طوافا واحدا ، أخرجه الشيحان .

                                                                                                          قوله : ( حديث جابر حديث حسن ) وأخرجه مسلم ، وأبو داود ، والنسائي وابن ماجه بلفظ : لم يطف النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا أصحابه بين الصفا والمروة إلا طوافا واحدا طوافه الأول . قوله : ( وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق ) وبه قال مالك ، وهو قول الجمهور كما صرح به النووي ، وغيره ، وتمسكوا بأحاديث الباب .

                                                                                                          قوله : ( وهو قول الثوري وأهل الكوفة ) قال النووي : وهو يحكى عن علي بن أبي طالب ، وابن مسعود ، والشعبي والنخعي . انتهى . قال الحافظ في الفتح : واحتج الحنفية بما روي عن علي : أنه جمع بين الحج والعمرة ؛ فطاف لهما طوافين ، وسعى لهما سعيين ، ثم قال : هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل ، وطرقه عن علي عند عبد الرزاق والدارقطني وغيرهما ضعيفة ، وكذا أخرج من حديث ابن مسعود بإسناد ضعيف نحوه ، وأخرج من حديث ابن عمر نحو ذلك ، وفيه الحسن بن عمارة ، وهو متروك ، والمخرج في الصحيحين ، وفي السنن عنه من طرق كثيرة الاكتفاء بطواف واحد ، وقال البيهقي : إن ثبتت الرواية أنه طاف طوافين فيحمل على طواف القدوم ، وطواف الإفاضة ، وأما السعي مرتين فلم يثبت ، وقال ابن حزم : لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا عن أحد من أصحابه في ذلك شيء أصلا [ ص: 18 ] قال الحافظ : لكن روى الطحاوي وغيره مرفوعا عن علي ، وابن مسعود ذلك بأسانيد لا بأس بها إذا اجتمعت ، ولم أر في الباب أصح من حديثي ابن عمر وعائشة المذكورين في هذا الباب ، ثم ذكر الحافظ كلاما حسنا من شاء الوقوف عليه فليرجع إلى فتح الباري ، وأراد بحديث ابن عمر الحديث الذي أشار إليه الترمذي ، وتقدم تخريجه ولفظه ، وأراد بحديث عائشة الحديث الذي أخرجه البخاري ، وغيره ، وفيه : وأما الذين جمعوا بين الحج والعمرة فإنما طافوا طوافا واحدا قلت : القول الراجح هو أن القارن لا يجب عليه إلا طواف واحد كالمفرد .




                                                                                                          الخدمات العلمية