الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            [ مقتل مصعب بن عمير ]

            قال ابن إسحاق : وقاتل مصعب بن عمير دون رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قتل ، وكان الذي قتله ابن قمئة الليثي ، وهو يظن أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فرجع إلى قريش فقال : قتلت محمدا . فلما قتل مصعب بن عمير أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم اللواء علي بن أبي طالب ، وقاتل علي بن أبي طالب ورجال من المسلمين . وذكر موسى بن عقبة في " مغازيه " ، عن سعيد بن المسيب أن الذي قتل مصعبا هو أبي بن خلف . فالله أعلم . وروى ابن سعد ، عن محمد بن شرحبيل العبدري قال :

            حمل مصعب بن عمير اللواء يوم أحد فقطعت يده اليمنى ، فأخذ اللواء بيده اليسرى وهو يقول : وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل [آل عمران 144 ] الآية ، ثم قطعت يده اليسرى فحنا على اللواء وضمه بعضديه إلى صدره وهو يقول : وما محمد إلا رسول الآية ثم قتل فسقط اللواء ، قال محمد بن شرحبيل : وما نزلت هذه الآية : وما محمد إلا رسول يومئذ حتى نزلت بعد . عن خباب بن الأرت قال : هاجرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم نبتغي وجه الله ، فوجب أجرنا على الله ، فمنا من مضى - أو ذهب - لم يأكل من أجره شيئا ; كان منهم مصعب بن عمير قتل يوم أحد لم يترك إلا نمرة ، كنا إذا غطينا بها رأسه خرجت رجلاه ، وإذا غطي بها رجلاه خرج رأسه ، فقال لنا النبي صلى الله عليه وسلم : غطوا بها رأسه ، واجعلوا على رجله الإذخر . ومنا من أينعت له ثمرته فهو يهدبها عن خباب بن الأرت رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بمصعب بن عمير وهو مقتول على طريقه فوقف عليه ، فدعا له ثم قرأ : من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه [الأحزاب 23 ] الآية . ثم قال : لقد رأيتك بمكة وما بها أحد أرق حلة ولا أحسن لمة منك .

            وروى البخاري : أن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أتي بطعام وكان صائما فقال : قتل مصعب بن عمير ، وهو خير من كفن في برده ، إن غطي رأسه بدت رجلاه ، وإن غطي رجلاه بدا رأسه . [ حزن حمنة على زوجها ]

            قال ابن إسحاق : ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم راجعا إلى المدينة ، فلقيته حمنة بنت جحش ، كما ذكر لي ، فلما لقيت الناس نعي إليها أخوها عبد الله بن جحش ، فاسترجعت واستغفرت له ، ثم نعي لها خالها حمزة بن عبد المطلب فاسترجعت واستغفرت له ، ثم نعي لها زوجها مصعب بن عمير ، فصاحت وولولت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن زوج المرأة منها لبمكان لما رأى من تثبتها عند أخيها وخالها ، وصياحها على زوجها .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية