الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            [ دفن الشهداء ]

            قال ابن إسحاق : وكان قد احتمل ناس من المسلمين قتلاهم إلى المدينة ، فدفنوهم بها ، ثم نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك ، وقال : ادفنوهم حيث صرعوا .

            قال ابن إسحاق : وحدثني محمد بن مسلم الزهري ، عن عبد الله بن ثعلبة بن صعير العذري ، حليف بني زهرة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أشرف على القتلى يوم أحد ، قال : أنا شهيد على هؤلاء ، إنه ما من جريح يجرح في الله ، إلا والله يبعثه يوم القيامة يدمى جرحه ، اللون لون دم والريح ريح مسك ، انظروا أكثر هؤلاء جمعا للقرآن ، فاجعلوه أمام أصحابه في القبر - وكانوا يدفنون الاثنين والثلاثة في القبر الواحد

            قال : وحدثني عمي موسى بن يسار ، أنه سمع أبا هريرة يقول : قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم : ما من جريح يجرح في الله إلا والله يبعثه يوم القيامة وجرحه يدمى ، اللون لون دم ، والريح ريح مسك

            أن جابر بن عبد الله أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في ثوب واحد ، ثم يقول : أيهم أكثر أخذا للقرآن ؟ فإذا أشير إلى أحد قدمه في اللحد وقال : أنا شهيد على هؤلاء يوم القيامة . وأمر بدفنهم بدمائهم ، ولم يصل عليهم ، ولم يغسلوا . دفن عمرو بن الجموح وعبد الله بن عمرو بن حرام في قبر واحد قال ابن إسحاق : وحدثني أبي إسحاق بن يسار ، عن أشياخ من بني سلمة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال يومئذ ، حين أمر بدفن القتلى : انظروا إلى عمرو بن الجموح ، وعبد الله بن عمرو بن حرام ، فإنهما كانا متصافيين في الدنيا ، فاجعلوهما في قبر واحد [ دفن عبد الله بن جحش مع حمزة ]

            قال : فزعم لي آل عبد الله بن جحش - وكان لأميمة بنت عبد المطلب حمزة خاله ، وقد كان مثل به كما مثل بحمزة ، إلا أنه لم يبقر عن كبده - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دفنه مع حمزة في قبره ، ولم أسمع ذلك إلا عن أهله وذكر الواقدي أن معاوية لما أراد أن يجري العين ، نادى مناديه : من كان له قتيل بأحد فليشهد . قال جابر : فحفرنا عنهم ، فوجدت أبي في قبره كأنما هو نائم على هيئته ، ووجدت جاره في قبره عمرو بن الجموح ، ويده على جرحه فأزيلت عنه ، فانبعث جرحه دما . ويقال : إنه فاح من قبورهم مثل ريح المسك ، رضي الله عنهم أجمعين ، وذلك بعد ست وأربعين سنة من يوم دفنوا . قال الواقدي : كان النبي صلى الله عليه وسلم يزورهم كل حول ، فإذا تفوه الشعب يقول : السلام عليكم بما صبرتم ، فنعم عقبى الدار . ثم كان أبو بكر يفعل ذلك كل حول ، ثم عمر ثم عثمان ، وكانت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم تأتيهم ، فتبكي عندهم وتدعو لهم ، وكان سعد يسلم ، ثم يقبل على أصحابه فيقول : ألا تسلمون على قوم يردون عليكم . ثم حكى زيارتهم ، عن أبي سعيد ، وأبي هريرة ، وعبد الله بن عمر وأم سلمة رضي الله عنهم .

            وقال ابن أبي الدنيا : حدثني إبراهيم ، حدثني الحكم بن نافع ، حدثنا العطاف بن خالد ، حدثتني خالتي قالت : ركبت يوما إلى قبور الشهداء - وكانت لا تزال تأتيهم - فنزلت عند حمزة فصليت ما شاء الله أن أصلي ، وما في الوادي داع ولا مجيب ، إلا غلاما قائما آخذا برأس دابتي ، فلما فرغت من صلاتي قلت هكذا بيدي : السلام عليكم . قالت : فسمعت رد السلام علي يخرج من تحت الأرض ، أعرفه كما أعرف أن الله عز وجل خلقني وكما أعرف الليل والنهار فاقشعرت كل شعرة مني .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية