فصل
في مد التاء وقبضها
وذلك أن هذه الأسماء لما لازمت الفعل ، صار لها اعتباران : أحدهما من حيث
[ ص: 40 ] هي أسماء وصفات ، وهذا تقبض منه التاء . والثاني من حيث أن يكون مقتضاها فعلا وأثرا ظاهرا في الوجود ، فهذا تمد فيه ، كما تمد في قالت ( البقرة : 113 ) و حقت ( يونس : 33 ) وجهة الفعل والأمر ملكية ظاهرة ، وجهة الاسم والصفة ملكوتية باطنة .
فمن ذلك
nindex.php?page=treesubj&link=28885الرحمة مدت في سبعة مواضع للعلة المذكورة : بدليل قوله في أحدها : " "
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=56إن رحمت الله قريب من المحسنين " " ( الأعراف : 56 ) فوضعها على التذكير ، فهو الفعل .
وكذلك : " "
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=50فانظر إلى آثار رحمت الله " " ( الروم : 50 ) والأثر هو الفعل ضرورة .
والثالث : " "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=218أولئك يرجون رحمت الله " " ( البقرة : 218 ) .
والرابع في هود : " "
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=73رحمت الله وبركاته " " ( هود : 73 ) .
والخامس : " "
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=2ذكر رحمت ربك " " ( مريم : 2 ) .
والسادس : " "
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=32أهم يقسمون رحمت ربك " " ( الزخرف : 32 ) .
والسابع : " "
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=32ورحمت ربك خير مما يجمعون " " ( الزخرف : 32 ) .
ومنه
nindex.php?page=treesubj&link=28885 ( النعمة ) بالهاء إلا في أحد عشر موضعا مدت بها : في البقرة " "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=231واذكروا نعمت الله عليكم " " ( الآية : 231 ) ، في آل عمران ( الآية : 103 ) . والمائدة ( الآية : 11 ) . وفى إبراهيم موضعان ( الآيتان : 28 ، 34 ) ، والنحل ثلاثة مواضع ( الآيات : 72 و 83 و 114 ) وفي لقمان ( الآية : 31 ) . وفاطر ( الآية : 3 ) . والطور ( الآية : 29 ) .
والحكمة فيها ما ذكرنا أن الحاصلة بالفعل في الوجود تمد ، نحو قوله في إبراهيم : " "
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=34وإن تعدوا نعمت الله لا تحصوها " " ( الآية : 34 ) بدليل قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=34إن الإنسان لظلوم كفار ( إبراهيم : 34 ) ، فهذه نعمة متصلة بالظلوم الكفار في تنزيلهما . وهذا بخلاف التي في سورة النحل :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=18وإن تعدوا نعمت الله لا تحصوها ( النحل : 18 ) كتبت مقبوضة لأنها بمعنى الاسم بدليل قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=18إن الله لغفور رحيم ( النحل : 18 ) ; فهذه نعمة وصلت من الرب ، فهي ملكوتية ختمها باسمه عز وجل ، وختم الأولى باسم الإنسان .
ومن ذلك ( الكلمة ) مقبوضة إلا في موضع في الأعراف : " "
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=137وتمت كلمت ربك الحسنى " " ( الأعراف : 137 )
[ ص: 41 ] هو ما تم لهم في الوجود الأخروي بالفعل الظاهر دليله في الملك ، وهو الاختلاف وتمامها أن لها نهاية تظهر في الوجود بالفعل فمدت التاء .
ومنها (
nindex.php?page=treesubj&link=28885السنة ) مقبوضة ; إلا في خمسة مواضع حيث تكون بمعنى الإهلاك والانتقام الذي في الوجود : أحدها في الأنفال : " "
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=38فقد مضت سنت الأولين " " ( الأنفال : 38 ) ويدل على أنها في الانتقام قوله قبلها :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=38إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف ( الآية : 38 ) ، وقوله بعدها :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=39وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ( الآية : 39 ) . وفى فاطر : " "
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=43فهل ينظرون إلا سنت الأولين فلن تجد لسنت الله تبديلا ولن تجد لسنت الله تحويلا " " ( الآية : 43 ) ويدلك على أنها بمعنى الانتقام قوله تعالى قبلها :
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=43ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله ( الآية : 43 ) وسياق ما بعدها .
وفى المؤمن :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=85فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا سنت الله ( غافر : 85 ) أما إذا كانت السنة بمعنى الشريعة والطريقة ، فهي ملكوتية بمعنى الاسم تقبض تاؤها ، كما في الأحزاب :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=38سنة الله في الذين خلوا من قبل ( الآيتان : 38 ، 39 ) أي حكم الله وشرعه ،
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=77سنة من قد أرسلنا قبلك من رسلنا ( الإسراء : 77 ) .
ومنه " "
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=86بقيت الله " " ( هود : 86 ) فرد ، مدت تاؤه ; لأنه بمعنى ما يبقى في أموالهم من الربح المحسوس ، لأن الخطاب إنما هو فيها من جهة الملك .
ومنه " "
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30فطرت الله " " ( الروم : 30 ) فرد ، وصفها الله بأنها فطر الناس عليها ، فهي فصل خطاب في الوجود كما جاء :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1015201كل مولود يولد على الفطرة الحديث .
ومنه : " "
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=9قرت عين لي ولك " " ( القصص : 9 ) فرد ، مدت تاؤه لأنه بمعنى الفعل إذ هو
[ ص: 42 ] خبر عن
موسى ، وهو موجود حاضر في الملك ، وهذا بخلاف :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=74قرة أعين ( الفرقان : 74 ) ، فإنه هنا بمعنى الاسم ، وهو ملكوتي إذ هو غير حاضر .
ومنه " "
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=8ومعصيت الرسول " " ( المجادلة : 8 ، 9 ) مدت في موضعين في سورة المجادلة ; لأن معناها الفعل ، والتقدير : ولا تتناجوا بأن تعصوا الرسول ، ونفس هذا النجو الواقع منهم في الوجود هو فعل معصية لوقوع النهي عنه .
ومنه ( اللعنة ) مدت في موضعين : في آية المباهلة ، وفى آية اللعان ، وكونهما بمعنى الفعل ظاهر .
ومنه ( الشجرة ) في موضع " "
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=43إن شجرت الزقوم " " ( الدخان : 43 ) ، لأنها بمعنى الفعل اللازم وهو تزقمها بالأكل ; بدليل قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=45في البطون ( الدخان : 45 ) فهذه صفة فعل كما في الواقعة :
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=52لآكلون من شجر من زقوم ( الآية : 52 ) ، وهذا بخلاف قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=62أذلك خير نزلا أم شجرة الزقوم ( الصافات : 62 ) ، فإن هذه وصفها بأنها :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=63فتنة للظالمين ( الصافات : 63 ) ،
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=64إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم ( الصافات : 64 ) ، فهو حلية للاسم ; فلذلك قبضت تاؤها .
ومنه ( الجنة ) مدت في موضع واحد في الواقعة : " "
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=89وجنت نعيم " " ( الواقعة : 89 ) لكونها بمعنى فعل التنعم بالنعيم ، بدليل اقترانها بالروح والريحان وتأخرها عنهما وهما من الجنة ، فهذه جنة خاصة بالمنعم بها ، وأما
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=85من ورثة جنة النعيم ( الشعراء : 85 ) و
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=38أن يدخل جنة نعيم ( المعارج : 38 ) ، فإن هذا بمعنى الاسم الكلي .
ولم تمد :
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=94تصلية جحيم ( الواقعة : 94 ) لأنها اسم ما يفعل بالمكذب في الآخرة ، أخبرنا الله بذلك فالمؤمن يعلمه تصديقا ، ولا يحذف لفعل أبدا ، والضابط لذلك : أن ما كان بمعنى الاسم لم تمد تاؤه ، مثل :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=131زهرة الحياة الدنيا ( طه : 131 ) و
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=138صبغة الله ( البقرة : 138 ) و
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=1زلزلة الساعة ( الحج : 1 ) و
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=2تحلة أيمانكم ( التحريم : 2 ) و
nindex.php?page=tafseer&surano=106&ayano=2رحلة الشتاء والصيف ( قريش : 2 ) و
nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=4حمالة الحطب ( المسد : 4 ) .
[ ص: 43 ] ومنه
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=12ومريم ابنت عمران ( التحريم : 12 ) مدت التاء تنبيها على معنى الولادة والحدوث من النطفة المهينة ، ولم يضف في القرآن ولد إلى والد ووصف به اسم الولد إلا
عيسى وأمه عليهما السلام ، لما اعتقد
النصارى فيهما أنهما إلهان ، فنبه سبحانه بإضافتهما الولادية على جهة حدوثهما بعد عدمهما ، حتى أخبر تعالى في موطن بصفة الإضافة دون الموصوف ، وقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=50وجعلنا ابن مريم وأمه آية ( المؤمنون : 50 ) لما غلوا في إلاهيته أكثر من أمه كما نبه تعالى على حاجتهما وتغير أحوالهما في الوجود ، يلحقهما ما يلحق البشر قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=75كانا يأكلان الطعام ( المائدة : 75 ) .
ومنه (
nindex.php?page=treesubj&link=28885امرأة ) هي في سبعة مواضع وهى : خمس من النساء : " " امرأت عمران " " ( آل عمران : 35 ) و " " امرأت فرعون " " ( القصص : 9 والتحريم : 11 ) و " " امرأت نوح " " ( التحريم : 10 ) و " " امرأت لوط " " ( التحريم : 10 ) و " " امرأت العزيز " " ( يوسف : 30 و 51 ) كلها ممدودة . تنبيها على فعل التبعل والصحبة وشدة المواصلة والمخالطة والائتلاف في الموجود والمحسوس ، وأربع منهن منفصلات في بواطن أمرهن عن بعولتهن بأعمالهن . وواحدة خاصة واصلت بعلها باطنا وظاهرا ، وهى
امرأة عمران ، فجعل الله لها ذرية طيبة ، وأكرمها بذلك وفضلها على العالمين ، وواحدة من الأربع انفصلت بباطنها عن بعلها طاعة لله ، وتوكلا عليه وخوفا منه ، فنجاها وأكرمها ، وهى
امرأة فرعون ، واثنتان منهن انفصلتا عن أزواجهما كفرا بالله فأهلكهما الله ودمرهما ، ولم ينتفعا بالوصلة الظاهرة ، مع أنها أقرب وصلة بأفضل أحباب الله . كما لم تضر
امرأة فرعون وصلتها الظاهرة بأخبث عبيد الله ، وواحدة انفصلت عن بعلها بالباطن اتباعا للهوى وشهوة نفسها ، فلم تبلغ من ذلك مرادها مع تمكنها من الدنيا واستيلائها على ما مالت إليه بحبها وهو في بيتها وقبضتها ، فلم يغن ذلك عنها شيئا ، وقوتها وعزتها إنما كانا لها من بعلها "
العزيز " ولم ينفعها ذلك في الوصول إلى إرادتها مع عظيم كيدها ، كما لم يضر
يوسف ما امتحن به منها ، ونجاه الله من السجن ، ومكن له في الأرض ، وذلك بطاعته لربه ، ولا سعادة إلا بطاعة الله ، ولا شقاوة إلا بمعصيته ; فهذه كلها عبر وقعت بالفعل في الوجود ، في شأن كل امرأة منهن فلذلك مدت تاءاتهن .
فَصْلٌ
فِي مَدِّ التَّاءِ وَقَبْضِهَا
وَذَلِكَ أَنَّ هَذِهِ الْأَسْمَاءَ لَمَّا لَازَمَتِ الْفِعْلَ ، صَارَ لَهَا اعْتِبَارَانِ : أَحَدُهُمَا مِنْ حَيْثُ
[ ص: 40 ] هِيَ أَسْمَاءٌ وَصِفَاتٌ ، وَهَذَا تُقْبَضُ مِنْهُ التَّاءُ . وَالثَّانِي مِنْ حَيْثُ أَنْ يَكُونَ مُقْتَضَاهَا فِعْلًا وَأَثَرًا ظَاهِرًا فِي الْوُجُودِ ، فَهَذَا تُمَدُّ فِيهِ ، كَمَا تُمَدُّ فِي قَالَتِ ( الْبَقَرَةِ : 113 ) وَ حَقَّتْ ( يُونُسَ : 33 ) وَجِهَةُ الْفِعْلِ وَالْأَمْرِ مِلْكِيَّةٌ ظَاهِرَةٌ ، وَجِهَةُ الِاسْمِ وَالصِّفَةِ مَلَكُوتِيَّةٌ بَاطِنَةٌ .
فَمِنْ ذَلِكَ
nindex.php?page=treesubj&link=28885الرَّحْمَةُ مُدَّتْ فِي سَبْعَةِ مَوَاضِعَ لِلْعِلَّةِ الْمَذْكُورَةِ : بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فِي أَحَدِهَا : " "
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=56إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ " " ( الْأَعْرَافِ : 56 ) فَوَضْعُهَا عَلَى التَّذْكِيرِ ، فَهُوَ الْفِعْلُ .
وَكَذَلِكَ : " "
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=50فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ " " ( الرُّومِ : 50 ) وَالْأَثَرُ هُوَ الْفِعْلُ ضَرُورَةً .
وَالثَّالِثُ : " "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=218أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ " " ( الْبَقَرَةِ : 218 ) .
وَالرَّابِعُ فِي هُودٍ : " "
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=73رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ " " ( هُودٍ : 73 ) .
وَالْخَامِسُ : " "
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=2ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ " " ( مَرْيَمَ : 2 ) .
وَالسَّادِسُ : " "
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=32أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ " " ( الزُّخْرُفِ : 32 ) .
وَالسَّابِعُ : " "
nindex.php?page=tafseer&surano=43&ayano=32وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ " " ( الزُّخْرُفِ : 32 ) .
وَمِنْهُ
nindex.php?page=treesubj&link=28885 ( النِّعْمَةُ ) بِالْهَاءِ إِلَّا فِي أَحَدَ عَشَرَ مَوْضِعًا مُدَّتْ بِهَا : فِي الْبَقَرَةِ " "
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=231وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ " " ( الْآيَةَ : 231 ) ، فِي آلِ عِمْرَانَ ( الْآيَةَ : 103 ) . وَالْمَائِدَةِ ( الْآيَةَ : 11 ) . وَفَى إِبْرَاهِيمَ مَوْضِعَانِ ( الْآيَتَانِ : 28 ، 34 ) ، وَالنَّحْلِ ثَلَاثَةُ مَوَاضِعَ ( الْآيَاتِ : 72 وَ 83 وَ 114 ) وَفِي لُقْمَانَ ( الْآيَةَ : 31 ) . وَفَاطِرٍ ( الْآيَةَ : 3 ) . وَالطُّورِ ( الْآيَةَ : 29 ) .
وَالْحِكْمَةُ فِيهَا مَا ذَكَرْنَا أَنَّ الْحَاصِلَةَ بِالْفِعْلِ فِي الْوُجُودِ تُمَدُّ ، نَحْوُ قَوْلِهِ فِي إِبْرَاهِيمَ : " "
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=34وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا " " ( الْآيَةَ : 34 ) بِدَلِيلِ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=34إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ( إِبْرَاهِيمَ : 34 ) ، فَهَذِهِ نِعْمَةٌ مُتَّصِلَةٌ بِالظَّلُومِ الْكَفَّارِ فِي تَنْزِيلِهِمَا . وَهَذَا بِخِلَافِ الَّتِي فِي سُورَةِ النَّحْلِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=18وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ( النَّحْلِ : 18 ) كُتِبَتْ مَقْبُوضَةً لِأَنَّهَا بِمَعْنَى الِاسْمِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=18إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ( النَّحْلِ : 18 ) ; فَهَذِهِ نِعْمَةٌ وَصَلَتْ مِنَ الرَّبِّ ، فَهِيَ مَلَكُوتِيَّةٌ خَتَمَهَا بِاسْمِهِ عَزَّ وَجَلَّ ، وَخَتَمَ الْأُولَى بِاسْمِ الْإِنْسَانِ .
وَمِنْ ذَلِكَ ( الْكَلِمَةُ ) مَقْبُوضَةً إِلَّا فِي مَوْضِعٍ فِي الْأَعْرَافِ : " "
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=137وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى " " ( الْأَعْرَافِ : 137 )
[ ص: 41 ] هُوَ مَا تَمَّ لَهُمْ فِي الْوُجُودِ الْأُخْرَوِيِّ بِالْفِعْلِ الظَّاهِرِ دَلِيلُهُ فِي الْمِلْكِ ، وَهُوَ الِاخْتِلَافُ وَتَمَامُهَا أَنَّ لَهَا نِهَايَةً تَظْهَرُ فِي الْوُجُودِ بِالْفِعْلِ فَمُدَّتِ التَّاءُ .
وَمِنْهَا (
nindex.php?page=treesubj&link=28885السُّنَّةُ ) مَقْبُوضَةً ; إِلَّا فِي خَمْسَةِ مَوَاضِعَ حَيْثُ تَكُونُ بِمَعْنَى الْإِهْلَاكِ وَالِانْتِقَامِ الَّذِي فِي الْوُجُودِ : أَحَدُهَا فِي الْأَنْفَالِ : " "
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=38فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ " " ( الْأَنْفَالِ : 38 ) وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا فِي الِانْتِقَامِ قَوْلُهُ قَبْلَهَا :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=38إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ ( الْآيَةَ : 38 ) ، وَقَوْلُهُ بَعْدَهَا :
nindex.php?page=tafseer&surano=8&ayano=39وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ ( الْآيَةَ : 39 ) . وَفَى فَاطِرٍ : " "
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=43فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا " " ( الْآيَةَ : 43 ) وَيَدُلُّكَ عَلَى أَنَّهَا بِمَعْنَى الِانْتِقَامِ قَوْلُهُ تَعَالَى قَبْلَهَا :
nindex.php?page=tafseer&surano=35&ayano=43وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ ( الْآيَةَ : 43 ) وَسِيَاقُ مَا بَعْدَهَا .
وَفَى الْمُؤْمِنِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=40&ayano=85فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمَانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنَا سُنَّتَ اللَّهِ ( غَافِرٍ : 85 ) أَمَّا إِذَا كَانَتِ السُّنَّةُ بِمَعْنَى الشَّرِيعَةِ وَالطَّرِيقَةِ ، فَهِيَ مَلَكُوتِيَّةٌ بِمَعْنَى الِاسْمِ تُقْبَضُ تَاؤُهَا ، كَمَا فِي الْأَحْزَابِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=33&ayano=38سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ ( الْآيَتَانِ : 38 ، 39 ) أَيْ حُكْمَ اللَّهِ وَشَرْعَهُ ،
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=77سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنَا ( الْإِسْرَاءِ : 77 ) .
وَمِنْهُ " "
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=86بَقِيَّتُ اللَّهِ " " ( هُودٍ : 86 ) فَرْدٌ ، مُدَّتْ تَاؤُهُ ; لِأَنَّهُ بِمَعْنَى مَا يَبْقَى فِي أَمْوَالِهِمْ مِنَ الرِّبْحِ الْمَحْسُوسِ ، لِأَنَّ الْخِطَابَ إِنَّمَا هُوَ فِيهَا مِنْ جِهَةِ الْمِلْكِ .
وَمِنْهُ " "
nindex.php?page=tafseer&surano=30&ayano=30فِطْرَتَ اللَّهِ " " ( الرُّومِ : 30 ) فَرْدٌ ، وَصَفَهَا اللَّهُ بِأَنَّهَا فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ، فَهِيَ فَصْلُ خِطَابٍ فِي الْوُجُودِ كَمَا جَاءَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1015201كُلُّ مَوْلُودٍ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ الْحَدِيثَ .
وَمِنْهُ : " "
nindex.php?page=tafseer&surano=28&ayano=9قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ " " ( الْقَصَصِ : 9 ) فَرْدٌ ، مُدَّتْ تَاؤُهُ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى الْفِعْلِ إِذْ هُوَ
[ ص: 42 ] خَبَرٌ عَنْ
مُوسَى ، وَهُوَ مَوْجُودٌ حَاضِرٌ فِي الْمِلْكِ ، وَهَذَا بِخِلَافِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=74قُرَّةَ أَعْيُنٍ ( الْفُرْقَانِ : 74 ) ، فَإِنَّهُ هُنَا بِمَعْنَى الِاسْمِ ، وَهُوَ مَلَكُوتِيٌّ إِذْ هُوَ غَيْرُ حَاضَرٍ .
وَمِنْهُ " "
nindex.php?page=tafseer&surano=58&ayano=8وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ " " ( الْمُجَادَلَةِ : 8 ، 9 ) مُدَّتْ فِي مَوْضِعَيْنِ فِي سُورَةِ الْمُجَادِلَةِ ; لِأَنَّ مَعْنَاهَا الْفِعْلُ ، وَالتَّقْدِيرُ : وَلَا تَتَنَاجَوْا بِأَنْ تَعْصُوا الرَّسُولَ ، وَنَفْسُ هَذَا النَّجْوِ الْوَاقِعِ مِنْهُمْ فِي الْوُجُودِ هُوَ فِعْلُ مَعْصِيَةٍ لِوُقُوعِ النَّهْيِ عَنْهُ .
وَمِنْهُ ( اللَّعْنَةُ ) مُدَّتْ فِي مَوْضِعَيْنِ : فِي آيَةِ الْمُبَاهَلَةِ ، وَفَى آيَةِ اللِّعَانِ ، وَكَوْنُهُمَا بِمَعْنَى الْفِعْلِ ظَاهِرٌ .
وَمِنْهُ ( الشَّجَرَةُ ) فِي مَوْضِعِ " "
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=43إِنَّ شَجَرَتَ الزَّقُّومِ " " ( الدُّخَانِ : 43 ) ، لِأَنَّهَا بِمَعْنَى الْفِعْلِ اللَّازِمِ وَهُوَ تَزَقُّمُهَا بِالْأَكْلِ ; بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=44&ayano=45فِي الْبُطُونِ ( الدُّخَانِ : 45 ) فَهَذِهِ صِفَةُ فِعْلٍ كَمَا فِي الْوَاقِعَةِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=52لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ ( الْآيَةَ : 52 ) ، وَهَذَا بِخِلَافِ قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=62أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ ( الصَّافَّاتِ : 62 ) ، فَإِنَّ هَذِهِ وَصَفَهَا بِأَنَّهَا :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=63فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ ( الصَّافَّاتِ : 63 ) ،
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=64إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ ( الصَّافَّاتِ : 64 ) ، فَهُوَ حِلْيَةٌ لِلِاسْمِ ; فَلِذَلِكَ قُبِضَتْ تَاؤُهَا .
وَمِنْهُ ( الْجَنَّةُ ) مُدَّتْ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ فِي الْوَاقِعَةِ : " "
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=89وَجَنَّتُ نَعِيمٍ " " ( الْوَاقِعَةِ : 89 ) لِكَوْنِهَا بِمَعْنَى فِعْلِ التَّنَعُّمِ بِالنَّعِيمِ ، بِدَلِيلِ اقْتِرَانِهَا بِالرَّوْحِ وَالرَّيْحَانِ وَتَأَخُّرِهَا عَنْهُمَا وَهُمَا مِنَ الْجَنَّةِ ، فَهَذِهِ جَنَّةٌ خَاصَّةٌ بِالْمُنَعَّمِ بِهَا ، وَأَمَّا
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=85مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ ( الشُّعَرَاءِ : 85 ) وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=70&ayano=38أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ ( الْمَعَارِجِ : 38 ) ، فَإِنَّ هَذَا بِمَعْنَى الِاسْمِ الْكُلِّيِّ .
وَلَمْ تُمَدَّ :
nindex.php?page=tafseer&surano=56&ayano=94تَصْلِيَةُ جَحِيمٍ ( الْوَاقِعَةِ : 94 ) لِأَنَّهَا اسْمُ مَا يُفْعَلُ بِالْمُكَذِّبِ فِي الْآخِرَةِ ، أَخْبَرَنَا اللَّهُ بِذَلِكَ فَالْمُؤْمِنُ يَعْلَمُهُ تَصْدِيقًا ، وَلَا يُحْذَفُ لِفِعْلٍ أَبَدًا ، وَالضَّابِطُ لِذَلِكَ : أَنَّ مَا كَانَ بِمَعْنَى الِاسْمِ لَمْ تُمَدَّ تَاؤُهُ ، مِثْلِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=131زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ( طه : 131 ) وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=138صِبْغَةَ اللَّهِ ( الْبَقَرَةِ : 138 ) وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=22&ayano=1زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ ( الْحَجِّ : 1 ) وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=2تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ ( التَّحْرِيمِ : 2 ) وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=106&ayano=2رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ ( قُرَيْشٍ : 2 ) وَ
nindex.php?page=tafseer&surano=111&ayano=4حَمَّالَةَ الْحَطَبِ ( الْمَسَدِ : 4 ) .
[ ص: 43 ] وَمِنْهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=66&ayano=12وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ ( التَّحْرِيمِ : 12 ) مُدَّتِ التَّاءُ تَنْبِيهًا عَلَى مَعْنَى الْوِلَادَةِ وَالْحُدُوثِ مِنَ النُّطْفَةِ الْمَهِينَةِ ، وَلَمْ يُضَفْ فِي الْقُرْآنِ وَلَدٌ إِلَى وَالِدٍ وَوُصِفَ بِهِ اسْمُ الْوَلَدِ إِلَّا
عِيسَى وَأُمَّهُ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ ، لَمَّا اعْتَقَدَ
النَّصَارَى فِيهِمَا أَنَّهُمَا إِلَهَانِ ، فَنَبَّهَ سُبْحَانَهُ بِإِضَافَتِهِمَا الْوِلَادِيَّةَ عَلَى جِهَةِ حُدُوثِهِمَا بَعْدَ عَدَمِهِمَا ، حَتَّى أَخْبَرَ تَعَالَى فِي مَوْطِنٍ بِصِفَةِ الْإِضَافَةِ دُونَ الْمَوْصُوفِ ، وَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=23&ayano=50وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ آيَةً ( الْمُؤْمِنُونَ : 50 ) لَمَّا غَلَوْا فِي إِلَاهِيَّتِهِ أَكْثَرَ مِنْ أُمِّهِ كَمَا نَبَّهَ تَعَالَى عَلَى حَاجَتِهِمَا وَتَغَيُّرِ أَحْوَالِهِمَا فِي الْوُجُودِ ، يَلْحَقُهُمَا مَا يَلْحَقُ الْبَشَرَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=5&ayano=75كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ ( الْمَائِدَةِ : 75 ) .
وَمِنْهُ (
nindex.php?page=treesubj&link=28885امْرَأَةٌ ) هِيَ فِي سَبْعَةِ مَوَاضِعَ وَهَى : خَمْسٌ مِنَ النِّسَاءِ : " " امْرَأَتُ عِمْرَانَ " " ( آلِ عِمْرَانَ : 35 ) وَ " " امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ " " ( الْقَصَصِ : 9 وَالتَّحْرِيمِ : 11 ) وَ " " اِمْرَأَتَ نُوحٍ " " ( التَّحْرِيمِ : 10 ) وَ " " امْرَأَتَ لُوطٍ " " ( التَّحْرِيمِ : 10 ) وَ " " امْرَأَتُ الْعَزِيزِ " " ( يُوسُفَ : 30 وَ 51 ) كُلُّهَا مَمْدُودَةٌ . تَنْبِيهًا عَلَى فِعْلِ التَّبَعُّلِ وَالصُّحْبَةِ وَشِدَّةِ الْمُوَاصَلَةِ وَالْمُخَالَطَةِ وَالِائْتِلَافِ فِي الْمَوْجُودِ وَالْمَحْسُوسِ ، وَأَرْبَعٌ مِنْهُنَّ مُنْفَصِلَاتٌ فِي بَوَاطِنِ أَمْرِهِنَّ عَنْ بُعُولَتِهِنَّ بِأَعْمَالِهِنَّ . وَوَاحِدَةٌ خَاصَّةٌ وَاصَلَتْ بَعْلَهَا بَاطِنًا وَظَاهِرًا ، وَهَى
امْرَأَةُ عِمْرَانَ ، فَجَعَلَ اللَّهُ لَهَا ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً ، وَأَكْرَمَهَا بِذَلِكَ وَفَضَّلَهَا عَلَى الْعَالَمِينَ ، وَوَاحِدَةٌ مِنَ الْأَرْبَعِ انْفَصَلَتْ بِبَاطِنِهَا عَنْ بَعْلِهَا طَاعَةً لِلَّهِ ، وَتَوَكُّلًا عَلَيْهِ وَخَوْفًا مِنْهُ ، فَنَجَّاهَا وَأَكْرَمَهَا ، وَهَى
امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ ، وَاثْنَتَانِ مِنْهُنَّ انْفَصَلَتَا عَنْ أَزْوَاجِهِمَا كُفْرًا بِاللَّهِ فَأَهْلَكَهُمَا اللَّهُ وَدَمَّرَهُمَا ، وَلَمْ يَنْتَفِعَا بِالْوَصْلَةِ الظَّاهِرَةِ ، مَعَ أَنَّهَا أَقْرَبُ وَصْلَةٍ بِأَفْضَلِ أَحْبَابِ اللَّهِ . كَمَا لَمْ تَضُرَّ
امْرَأَةَ فِرْعَوْنَ وَصْلَتُهَا الظَّاهِرَةُ بِأَخْبَثِ عَبِيدِ اللَّهِ ، وَوَاحِدَةٌ انْفَصَلَتْ عَنْ بَعْلِهَا بِالْبَاطِنِ اتِّبَاعًا لِلْهَوَى وَشَهْوَةِ نَفْسِهَا ، فَلَمْ تَبْلُغْ مِنْ ذَلِكَ مُرَادَهَا مَعَ تَمَكُّنِهَا مِنَ الدُّنْيَا وَاسْتِيلَائِهَا عَلَى مَا مَالَتْ إِلَيْهِ بِحُبِّهَا وَهُوَ فِي بَيْتِهَا وَقَبْضَتِهَا ، فَلَمْ يُغْنِ ذَلِكَ عَنْهَا شَيْئًا ، وَقُوَّتُهَا وَعِزَّتُهَا إِنَّمَا كَانَا لَهَا مِنْ بَعْلِهَا "
الْعَزِيزِ " وَلَمْ يَنْفَعْهَا ذَلِكَ فِي الْوُصُولِ إِلَى إِرَادَتِهَا مَعَ عَظِيمِ كَيْدِهَا ، كَمَا لَمْ يَضُرَّ
يُوسُفَ مَا امْتُحِنَ بِهِ مِنْهَا ، وَنَجَّاهُ اللَّهُ مِنَ السِّجْنِ ، وَمَكَّنَ لَهُ فِي الْأَرْضِ ، وَذَلِكَ بِطَاعَتِهِ لِرَبِّهِ ، وَلَا سَعَادَةَ إِلَّا بِطَاعَةِ اللَّهِ ، وَلَا شَقَاوَةَ إِلَّا بِمَعْصِيَتِهِ ; فَهَذِهِ كُلُّهَا عِبَرٌ وَقَعَتْ بِالْفِعْلِ فِي الْوُجُودِ ، فِي شَأْنِ كُلِّ امْرَأَةٍ مِنْهُنَّ فَلِذَلِكَ مُدَّتْ تَاءَاتُهُنَّ .