الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( وللبسنا عليهم ما يلبسون ( 9 ) )

قال أبو جعفر : يعني - تعالى ذكره - بقوله : " وللبسنا عليهم " : ولو أنزلنا ملكا من السماء مصدقا لك ، يا محمد ، شاهدا لك عند هؤلاء العادلين بي ، الجاحدين آياتك على حقيقة نبوتك ، فجعلناه في صورة رجل من بني آدم ، [ ص: 270 ] إذ كانوا لا يطيقون رؤية الملك بصورته التي خلقته بها ، التبس عليهم أمره ، فلم يدروا أملك هو أم إنسي! فلم يوقنوا به أنه ملك ، ولم يصدقوا به ، وقالوا : " ليس هذا ملكا " ! وللبسنا عليهم ما يلبسونه على أنفسهم من حقيقة أمرك ، وصحة برهانك وشاهدك على نبوتك .

يقال منه : " لبست عليهم الأمر ألبسه لبسا " إذا خلطته عليهم " ولبست الثوب ألبسه لبسا " . و " اللبوس " اسم الثياب .

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .

13089 - حدثني المثنى قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال : حدثني معاوية بن صالح ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس قوله : " وللبسنا عليهم ما يلبسون " يقول : لشبهنا عليهم .

13090 - حدثنا بشر قال : حدثنا يزيد قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة : " وللبسنا عليهم ما يلبسون " يقول : ما لبس قوم على أنفسهم إلا لبس الله عليهم . واللبس إنما هو من الناس .

13091 - حدثنا محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن المفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي : " وللبسنا عليهم ما يلبسون " يقول : شبهنا عليهم ما يشبهون على أنفسهم .

وقد روي عن ابن عباس في ذلك قول آخر ، وهو ما : -

13092 - حدثني به محمد بن سعد قال : حدثني أبي قال : حدثني عمي [ ص: 271 ] قال : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : " وللبسنا عليهم ما يلبسون " فهم أهل الكتاب ، فارقوا دينهم ، وكذبوا رسلهم ، وهو تحريف الكلام عن مواضعه .

13093 - حدثت عن الحسين قال : سمعت أبا معاذ قال : حدثنا عبيد بن سليمان قال : سمعت الضحاك في قوله : " وللبسنا عليهم ما يلبسون " يعني : التحريف ، هم أهل الكتاب ، فرقوا كتبهم ودينهم ، وكذبوا رسلهم ، فلبس الله عليهم ما لبسوا على أنفسهم .

وقد بينا فيما مضى قبل أن هذه الآيات من أول السورة ، بأن تكون في أمر المشركين من عبدة الأوثان ، أشبه منها بأمر أهل الكتاب من اليهود والنصارى ، بما أغنى عن إعادته .

التالي السابق


الخدمات العلمية