الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            روى البخاري من طريق هشام بن عروة قال : أخبرني أبي قال : «لما قتل الذين قتلوا ببئر معونة وأسر عمرو بن أمية ، قال عامر بن الطفيل لعمرو : من هذا ؟ وأشار إلى قتيل ، فقال : هذا عامر بن فهيرة! فقال : لقد رأيته بعد ما قتل رفع إلى السماء ، حتى إني لأنظر إلى السماء بينه وبين الأرض ، ثم وضع» .

            وروى محمد بن عمر عن أبي الأسود عن عروة أن عامر بن الطفيل قال لعمرو بن أمية :

            هل تعرف أصحابك ؟ قال : نعم ، قال : فطاف في القتلى وجعل يسأله عن أنسابهم . فقال : هل تفقد منهم أحدا ؟ قال : أفقد مولى لأبي بكر يقال له عامر بن فهيرة ، فقال : كيف كان فيكم ؟

            قال : قلت : كان من أفضلنا ، ومن أول أصحاب نبينا ، فقال : ألا أخبرك خبره ؟ وأشار إلى رجل ، فقال : هذا طعنه برمحه ثم انتزع رمحه فذهب بالرجل علوا في السماء حتى ما أراه . وكان الذي طعنه رجل من بني كلاب يقال له جبار بن سلمى ، وأسلم بعد ذلك . وذكر أبو عمر في الاستيعاب .

            في ترجمة عامر بن فهيرة أن عامر بن الطفيل قتله ، مع ذكره في ترجمة جبار أنه هو الذي قتل ابن فهيرة ، والله أعلم .

            وروى البيهقي عنه أنه قال لما طعنته : فزت ورب الكعبة ، قلت في قلبي : ما معنى قوله :

            «فزت» ، أليس قد قتلته ؟ قال : فأتيت الضحاك بن سفيان الكلابي ، فأخبرته بما كان وسألته عن قوله : فزت ، فقال : بالجنة . فقلت : ففاز لعمر الله . قال : وعرض علي الإسلام فأسلمت ودعاني إلى الإسلام ما رأيت من مقتل عامر بن فهيرة من رفعه إلى السماء علوا . وكتب الضحاك بن سفيان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبره بإسلامي وما رأيت من مقتل عامر بن فهيرة

            فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم .

            «إن الملائكة وارت جثته وأنزل عليين»

            قال البيهقي رحمه الله تعالى : يحتمل أنه رفع ثم وضع ثم فقد بعد ذلك ، ليجتمع مع رواية البخاري السابقة عن عروة ، فإن فيها : ثم وضع ، فقد رويناه في مغازي موسى بن عقبة في هذه القصة . قال فقال عروة : لم يوجد جسد عامر ، يروون أن الملائكة وارته . ثم رواه البيهقي عن عائشة موصولا بلفظ : (لقد رأيته بعد ما قتل رفع إلى السماء حتى إني لأنظر إلى السماء بينه وبين الأرض ) ولم يذكر فيها ثم وضع . قال الشيخ رحمه الله تعالى : فقويت الطرق وتعددت لمواراته في السماء .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية