الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            وهذا سياق القصة مما ذكره ابن إسحاق وغيره :

            قال ابن إسحاق : ثم كانت غزوة الخندق في شوال سنة خمس ، فحدثني يزيد بن رومان ، عن عروة ، ومن لا أتهم ، عن عبد الله بن كعب بن مالك ، ومحمد بن كعب القرظي والزهري وعاصم بن عمر بن قتادة وعبد الله بن أبي بكر وغيرهم من علمائنا ، وبعضهم يحدث ما لا يحدث بعض ، قالوا : إنه كان من حديث الخندق أن نفرا من اليهود - منهم : سلام بن أبي الحقيق النضري ، وحيي بن أخطب النضري ، وكنانة بن الربيع بن أبي الحقيق ، وهوذة بن قيس الوائلي ، وأبو عمار الوائلي ، في نفر من بني النضير ونفر من بني وائل ، وهم الذين حزبوا الأحزاب على رسول الله صلى الله عليه وسلم - خرجوا حتى قدموا على قريش مكة ، فدعوهم إلى حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا : إنا سنكون معكم عليه ، حتى نستأصله . فقالت لهم قريش : يا معشر يهود ، إنكم أهل الكتاب الأول والعلم بما أصبحنا نختلف فيه نحن ومحمد ، أفديننا خير أم دينه ؟ قالوا : بل دينكم خير من دينه وأنتم أولى بالحق منه . 5 فهم الذين أنزل الله فيهم : ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون للذين كفروا هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا أولئك الذين لعنهم الله ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا الآيات ( النساء 51 52 ) . فلما قالوا ذلك لقريش سرهم ونشطوا لما دعوهم إليه من حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاجتمعوا لذلك واتعدوا له ، ثم خرج أولئك النفر من يهود حتى جاءوا غطفان من قيس عيلان ، فدعوهم إلى حرب النبي صلى الله عليه وسلم ، وأخبروهم أنهم يكونون معهم عليه ، وأن قريشا قد تابعوهم على ذلك واجتمعوا معهم فيه ، فخرجت قريش وقائدها أبو سفيان ، وخرجت غطفان وقائدها عيينة بن حصن بن حذيفة بن بدر ، في بني فزارة ، والحارث بن عوف بن أبي حارثة المري ، في بني مرة ، ومسعر بن رخيلة بن نويرة بن طريف بن سحمة بن عبد الله بن هلال بن خلاوة بن أشجع بن ريث بن غطفان فيمن تابعه من قومه من أشجع .

            فلما سمع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وما أجمعوا له من الأمر ، ضرب الخندق على المدينة . قال ابن هشام يقال إن الذي أشار به سلمان . قال الطبري والسهيلي : أول من حفر الخنادق منوشهر بن إيرج بن أفريدون ، وكان في زمن موسى عليه السلام . قال ابن إسحاق : فعمل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ترغيبا للمسلمين في الأجر ، وعمل فيه المسلمون ، وتخلف طائفة من المنافقين يعتذرون بالضعف ، ومنهم من ينسل خفية بغير إذنه ولا علمه ، عليه الصلاة والسلام . وقد أنزل الله تعالى في ذلك قوله تعالى : إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه إن الذين يستأذنونك أولئك الذين يؤمنون بالله ورسوله فإذا استأذنوك لبعض شأنهم فأذن لمن شئت منهم واستغفر لهم الله إن الله غفور رحيم لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ألا إن لله ما في السماوات والأرض قد يعلم ما أنتم عليه ويوم يرجعون إليه فينبئهم بما عملوا والله بكل شيء عليم

            ( النور : 62 64 )

            التالي السابق


            الخدمات العلمية