الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          الرابع : أن يقف ناجزا ، فإن علقه بشرط لم يصح إلا أن يقول : هو وقف بعد موتي ، فيصح في قول الخرقي ، وقال أبو الخطاب : لا يصح .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          ( الرابع : أن يقف ناجزا ) كـ : وقفت داري على كذا ، ولا خلاف في صحته بشرطه ; لأنه نقل للملك ، أشبه البيع ( فإن علقه بشرط لم يصح ) ؛ لأنه نقل للملك فيما لم يبن على التغليب والسراية ، فلم يجز تعليقه على شرط في الحياة كالهبة ، وفيه وجه ، وقيل : إن قلنا : هو لله تعالى ، وظاهره شامل لما إذا شرط شرطا فاسدا كخيار فيه ، وتحويله ، وتغيير شرط ، وخرج من البيع صحته . وفي " الشرح " إذا شرط أن يبيعه متى شاء ، أو يهبه ، أو يرجع فيه - بطل الوقف والشرط ، لا نعلم في بطلان الشرط خلافا ; لأنه ينافي مقتضى العقد ، وقيل : يصح الوقف بناء على الشروط الفاسدة في البيع ( إلا أن يقول : هو وقف بعد موتي ، فيصح في قول الخرقي ) ، أي يصح تعليق الوقف المعلق بالموت ، واختاره أبو الخطاب في خلافه ، ونصره في " المغني " و " الشرح " ، وذكر أنه ظاهر كلام أحمد ، وقدمه في " الفروع " ، واحتج أحمد بأن عمر أوصى ، فكان في وصيته : هذا ما أوصى به عبد الله أمير المؤمنين إن حدث به حادث أن " ثمنا " صدقة ، والعبد الذي فيه ، والسهم الذي بخيبر ، ورقيقه الذي فيه ، رواه أبو داود . ولأن هذا تبرع معلق بالموت ، فصح ، كالهبة والصدقة ، فعلى هذا ينفذ من الثلث فما دون ، ويقف الباقي على إجازة الورثة كالتدبير ، ( وقال أبو الخطاب ) والقاضي [ ص: 324 ] وابن البنا في " الخصال " ( لا يصح ) ؛ لأنه تعليق للوقف على شرط ، فلم يصح ، كما لو علقه على شرط في الحياة ، وحمل القاضي كلام الخرقي على أنه قال : قفوا بعد موتي ، هذا وصية بالوقف لا إيقاف ، وفي " الشرح " سوى المتأخرون من أصحابنا بين تعليقه بالموت ، وبين تعليقه بشرط في الحياة ، ولا يصح ؛ لما بينهما من الفرق ; لأن هذا وصية ، وهي أوسع من التصرف في الحياة بدليل جوازها بالمجهول ، وللمجهول والحمل ، وكما لو قال : إذا مت فداري لفلان ، أو أبرأته من ديني الذي عليه .




                                                                                                                          الخدمات العلمية