الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            [ ما نزل في العاملين في الخندق مؤمنين ومنافقين ]

            فأنزل الله تعالى في أولئك من المؤمنين : إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه إن الذين يستأذنونك أولئك الذين يؤمنون بالله ورسوله فكإذا استأذنوك لبعض شأنهم فأذن لمن شئت منهم واستغفر لهم الله إن الله غفور رحيم

            فنزلت هذه الآية فيمن كان من المسلمين من أهل الحسبة والرغبة في الخير ، والطاعة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم . ثم قال تعالى ، يعني المنافقين الذين كانوا يتسللون من العمل ، ويذهبون بغير إذن من النبي صلى الله عليه وسلم :

            لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم واستأذن بعض بني حارثة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الذهاب إلى المدينة ، وقالوا : ( إن بيوتنا عورة وما هي بعورة إن يريدون إلا فرارا ) [ الأحزاب : 13 ] قال ابن إسحاق : وأبطأ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن المسلمين في عملهم ذلك رجال من المنافقين ، وجعلوا يورون بالضعيف من العمل ، ويتسللون إلى أهليهم بغير علم من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا إذن ، وجعل الرجل من المسلمين إذا نابته النائبة من الحاجة التي لا بد منها يذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم ، ويستأذنه في اللحوق بحاجته ، فيأذن له ، فإذا قضى حاجته رجع إلى ما كان فيه من عمله ، رغبة في الخير ، واحتسابا له .

            فأنزل الله تعالى في أولئك المؤمنين : إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه إن الذين يستأذنونك أولئك الذين يؤمنون بالله ورسوله فإذا استأذنوك لبعض شأنهم فأذن لمن شئت منهم واستغفر لهم الله إن الله غفور رحيم [سورة النور 62] .

            وأنزل الله سبحانه وتعالى : قد يعلم الله الذين يتسللون منكم لواذا فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم ألا إن لله ما في السماوات والأرض قد يعلم ما أنتم عليه ويوم يرجعون إليه فينبئهم بما عملوا والله بكل شيء عليم [النور 63 ، 64] .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية