الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                    صفحة جزء
                    [ ص: 1372 ] كلام أهل البيت في أبي بكر وعمر

                    2453 - أنا عبد الرحمن بن عمر قال : ثنا الحسين بن إسماعيل قال : نا سعيد بن محمد بن ثواب قال : نا أزهر ، عن ابن عون قال : سمعت يحيى بن شداد يقول : سمعت عليا يقول : أفضلنا أبو بكر .

                    2454 - أنا أحمد بن عبيد قال : أنا أحمد بن عبد الله بن بحير قال : نا هلال بن العلاء قال : نا أبي قال : نا عيسى بن يونس ، عن عمر بن سعيد بن أبي حسين ، عن عبد الله بن أبي مليكة ، عن ابن عباس قال : كنت في ناس نترحم على عمر حين وضع على سريره ، فجاء رجل من خلفي ، فوضع يده على منكبي ، فترحم عليه وقال : ما من أحد أحب أن ألقى الله بمثل عمله أحب إلي منه ، وإن كنت لأظن ليجعلنك الله مع صاحبيك؛ فإني كنت كثيرا أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " كنت أنا وأبو بكر وعمر ، وفعلت أنا وأبو بكر وعمر " ، فظننت أن يجعلك الله معهما . فإذا هو علي بن أبي طالب "

                    أخرجه البخاري ومسلم .

                    2455 - أنا إسماعيل بن أحمد بن محمد بن إبراهيم الإسماعيلي قال : أنا أحمد بن سلمان قال : نا أبو عمر هلال بن العلاء بن هلال ، نا أبو العلاء بن هلال ، عن إسحاق بن يوسف الأزرق قال : نا أبو سنان ، عن الضحاك بن مزاحم ، عن النزال بن سبرة قال :

                    وافقنا من علي ذات يوم طيب نفس ومزاج ، فقلنا له : يا أمير المؤمنين ، حدثنا عن أصحابك خاصة . قال : كل أصحاب رسول الله [ ص: 1373 ] صلى الله عليه وسلم أصحابي . فقالوا : حدثنا عن أبي بكر الصديق . قال : ذاك امرؤ أسماه الله صديقا على لسان جبريل ولسان محمد ، كان خليفة رسول الله على الصلاة ، رضيه لديننا ، ورضيناه لدنيانا .

                    2456 - أنا عبيد الله بن محمد بن أحمد قال : أنا علي بن محمد بن أحمد بن يزيد الرياحي قال : أنا أبي قال : نا الحسن بن عمارة ، عن المنهال بن عمرو ، عن سويد بن غفلة قال :

                    مررت بنفر من الشيعة يتناولون أبا بكر وعمر وينتقصونهما ، فدخلت على علي بن أبي طالب فقلت : يا أمير المؤمنين ، مررت بنفر من أصحابك يذكرون أبا بكر وعمر بغير الذي هما له أهل ، ولولا أنهم يرون أنك تضمر لهما على مثل ما أعلنوا ما اجترءوا على ذلك . قال علي : أعوذ بالله أن أضمر لهما إلا الذي نختار عليه المضي ، لعن الله من أضمر لهما إلا الحسن الجميل ، أخوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحباه ووزيراه ، رحمة الله عليهما . ثم نهض دامع العينين يبكي قابضا على يدي حتى دخل المسجد ، فصعد المنبر ، وجلس عليه متمكنا قابضا على لحيته ، وهو ينظر فيها ، وهي بيضاء حتى اجتمع له الناس ، ثم قام فتشهد بخطبة موجزة بليغة ، ثم قال : ما بال أقوام يذكرون سيدي قريش وأبوي المسلمين ما أنا عنه متنزه ، ومما قالوه بريء ، وعلى ما قالوا معاقب ، أما والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لا يحبهما إلا مؤمن تقي ، ولا يبغضهما إلا فاجر رديء ، صحبا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصدق والوفاء ، يأمران وينهيان ، ويعفيان ويعاقبان ، فما يجاوزان فيما يصنعان رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرى كرأيهما رأيا ، ولا يحب كحبهما أحدا ، مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو راض عنهما ، ومضيا والمؤمنون عنهما راضون ، أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم على صلاة المؤمنين ، فصلى بهم تسعة أيام [ ص: 1374 ] في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما قبض نبيه ، واختار له ما عنده ، ولاه المؤمنون ذلك ، وفوضوا إليه الزكاة؛ لأنهما مقرونتان ، ثم أعطوه البيعة طائعين غير مكرهين ، أنا أول من سن له ذلك منبني عبد المطلب ، وهو لذلك كاره يود أن أحدا منا كفاه ذلك ، وكان والله خير من بقي ، أرحمه رحمة ، وأرأفه رأفة ، وأيبسه ورعا ، وأقدمه سنا وإسلاما ، شبهه رسول الله صلى الله عليه وسلم بميكائيل رأفة ورحمة ، وبإبراهيم عفوا ووقارا ، فسار بسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مضى على ذلك رحمة الله عليه ، ثم ولي الأمر من بعده عمر ، فاستأمر المسلمين في ذلك ، فمنهم من رضي ، ومنهم من كره ، وكنت فيمن رضي ، فلم يفارق عمر الدنيا حتى رضي به من كان كرهه ، فأقام الأمر على منهاج النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبه ، يتبع آثارهما كما يتبع الفصيل أثر أمه ، فكان والله رقيقا رحيما بالضعفاء ، وللمؤمنين عونا ، وناصرا للمظلومين على الظالمين ، لا تأخذه في الله لومة لائم ، وضرب الله بالحق على لسانه ، وجعل الصدق من شأنه ، حتى إن كنا لنظن أن ملكا ينطق على لسانه ، أعز الله بإسلامه الإسلام وجعل هجرته للدين قواما ، ألقى له في قلوب المنافقين الرهبة ، وفي قلوب المؤمنين المحبة ، شبهه رسول الله صلى الله عليه وسلم بجبريل فظا غليظا على الأعداء ، وبنوح النبي صلى الله عليه وسلم حنيفا مغتاظا على الكافرين ، الضراء في طاعة الله آثر عنده من السراء على معصية الله ، فمن لكم بمثلهما رحمة الله عليهما ، ورزقنا المضي على سبيلهما ، فإنه لا يبلغ مبلغهما إلا باتباع آثارهما والحب لهما ، فمن أحبني فليحبهما ، ومن لم يحبهما فقد أبغضني ، وأنا منه بريء ، ولو كنت تقدمت إليكم في أمرهما لعاقبت على هذا أشد العقوبة ، ولكن لا ينبغي أن أعاقب قبل التقدم ، ألا فمن أتيت به يقول بعد هذا اليوم إن عليه ما على المفتري ، ألا وخير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر وعمر ، ثم [ ص: 1375 ] الله أعلم بالخير أين هو ، أقول قولي هذا ، ويغفر الله لي ولكم .

                    2457 - أنا عبيد الله بن محمد قال : نا علي بن محمد بن أحمد قال : نا أبي قال : نا أبو العوام قال : نا عمر بن إبراهيم الهاشمي ، عن عبد الملك بن عمير ، عن أسيد بن صفوان صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لما توفي أبو بكر رضي الله عنه ارتجت المدينة بالبكاء ودهش القوم ، كيوم قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجاء علي بن أبي طالب باكيا مسترجعا ، وهو يقول : اليوم انقطعت خلافة النبوة . حتى وقف على باب البيت الذي فيه أبو بكر ، فقال : رحمك الله يا أبا بكر ، كنت أول القوم إسلاما ، وأخلصهم إيمانا ، وأشدهم نفسا ، وأخوفهم لله ، وأعظمهم غنى ، وأحوطهم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأحدبهم على الإسلام ، وآمنهم على أصحابه ، أحسنهم صحبة ، وأفضلهم مناقب ، وأكبرهم سوابق ، وأرفعهم درجة ، وأقربهم من رسوله ، وأشبههم به هديا وخلقا وسمتا وفعلا ، وأشرفهم منزلة ، وأكرمهم عليه ، وأوثقهم عنده ، جزاك الله عن الإسلام وعن رسوله وعن المسلمين خيرا ، صدقت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين كذبه الناس ، فسماك الله في كتابه صديقا والذي جاء بالصدق : محمد ، وصدق به : أبو بكر ، آسيته حين يخلو ، وقمت معه حين عنه قعدوا ، صحبته في الشدة أكرم الصحبة ثاني اثنين ، وصاحبه والمنزل عليه السكينة ، رفيقه في الهجرة ومواطن الكره ، خلفته في أمته أحسن الخلافة حين ارتد الناس ، وقمت بدين الله قياما لم يقمه خليفة نبي قط ، قويت حين ضعف أصحابك ، وبرزت حين استكانوا ، ونهضت حين وهنوا ، ولزمت منهاج رسوله إذ هم أصحابه ، كنت خليفته حقا لم تنازع ولم تصدع برغم المنافقين ، وصغر الفاسقين ، وغيظ المنافقين ، وكره [ ص: 1376 ] الحاسدين ، قمت بالأمة حين فشلوا ، ونطقت حين تتعتعوا ، ومضيت بنور الله إذ وقفوا ، اتبعوك فهدوا ، وكنت أخفضهم صوتا ، وأعلاهم قوة ، وأقلهم كلاما ، وأصونهم منطقا ، أطولهم صمتا ، وأبلغهم قولا ، كنت أكبرهم رأيا ، وأشجعهم قلبا ، وأشدهم يقينا ، وأحسنهم عملا ، وأعرفهم بالأمور ، كنت والله للدين يعسوبا أولا حين تفرق الناس عنه ، وأخيرا حين أقبلوا ، كنت للمؤمنين أبا رحيما إذ صاروا عليك عيالا ، فحملت أثقالا عنها ضعفوا ، وحفظت ما أضاعوا ، فرعيت ما أهملوا ، وشمرت إذ خنعوا ، وعلوت إذ هلعوا ، وصبرت إذ جزعوا أدركت ما طلبوا ، ونالوا بك ما لم يحتسبوا ، كنت على الكافرين عذابا صبا ولهبا ، وللمسلمين غيثا وخصبا؛ فطرت والله بغنائها ، وفزت بحبائها ، وذهبت بفضائلها ، أحرزت سوابقها ، لم تفلل حجتك ، ولم يزغ قلبك ، ولم تضعف بصيرتك ، ولم تجبن نفسك ولم تخن ، كنت كالجبل لا تحركه العواصف ، ولا تزيله القواصف ، كنت كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمن الناس عليه في صحبتك وذات يدك ، وكما قال ضعيفا في بدنك ، قويا في أمر الله ، متواضعا في نفسك ، عظيما عند الله ، جليلا في الأرض ، كبيرا عند المؤمنين ، لم يكن لأحد فيك مهمز ، ولا لقائل فيك مغمز ، ولا لأحد فيك مطمع ، ولا عندك هوادة لأحد ، الضعيف الذليل عندك قوي عزيز حتى تأخذ له بحقه ، والقوي العزيز عندك ذليل حتى تأخذ منه الحق ، القريب والبعيد عندك في ذلك سواء ، بيانك الحق والصدق والرفق ، وقولك حكم وحتم ، وأمرك حلم وحزم ، ورأيك علم وعزم ، فأقلعت وقد نهج السبيل ، وسهل العسير ، وأطفيت النيران ، فاعتدل بك الدين ، وقوي الإيمان ، وظهر أمر الله ولو كره الكافرون ، وثبت الإسلام والمؤمنون؛ فسبقت والله سبقا بعيدا ، وأتعبت من بعدك تعبا شديدا ، وفزت بالخير فوزا مبينا؛ فجللت عن البكاء ، وعظمت رزيتك في [ ص: 1377 ] السماء ، وهدت مصيبتك الأنام؛ فإنا لله وإنا إليه راجعون ، رضينا عن الله قضاءه ، وسلمنا لله أمره ، فوالله لن يصاب المسلمون بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم مثلك أبدا ، كنت للدين عزا وكهفا ، وللمؤمنين عزا وفيئة وأنسا ، وعلى المنافقين غلظة وغيظا؛ فألحقك الله بنبيك ، ولا حرمنا أجرك ، ولا أضلنا بعدك ، فإنا لله وإنا إليه راجعون . وسكت الناس حتى انقضى كلامه ، ثم بكى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقالوا : صدقت يا ختن رسول الله صلى الله عليه وسلم .

                    2458 - سمعت أبا أحمد عبيد الله بن أحمد الفرائضي يقول : سمعت أبا بكر الأبهري الفقيه يقول : دخلت إلى أبي الحسن محمد بن صالح بن أم شيبان القاضي لتهنئته في بعض الأعياد ، فدخل أبو الحسن عبد الباقي بن نافع لتهنئته ، فتحدث فقال :

                    اجتمعت مع أبي طاهر العلوي ، فقال : أحب أن تخرج لي حديث أسيد بن صفوان ، يعني قول علي في أبي بكر حين مات . قال : فقلت : نعم ، فلما صرت إلى منزلي ، فكرت في نفسي ، وقلت : رجل علوي ، وفضيلة لأبي بكر لا آمنه ، أو معنى هذا . قال : وكنت صحبت أبا الفضل بن عبد السميع الهاشمي إمام سامراء في كتب الحديث والعلم ، فإذا أنا به يدق علي الباب في بعض الأيام في السحر ، ففتحت له فدخل ، فقال لي : ما الذي أحدثت ؟ قال : فقلت : ما أحدثت أمرا ولا مكروها . قال : فإني رأيت كأني أنا وأنت دخلنا مسجد الجامع ، والنبي صلى الله عليه وسلم جالس في الرواق الذي بين الصحنين وحوله أصحابه ، فسلمت أنا عليه فرد علي ، وسلمت فلم يرد عليك ، فقلت : يا رسول الله إنه ممن لا يتهم . قال : فقال لي : إنه كما قلت ، ولكنه قد ضجع . قال عبد الباقي : فأخبرته بالذي كان مني ومن ابن طاهر ، فقال لي : أخرجه واحمله إليه هذا لفظه ومعناه .

                    [ ص: 1378 ] قول عبد الله بن جعفر

                    2459 - أنا محمد بن الحسين الفارسي قال : أنا الحسين بن يحيى قال : نا الفضل بن سهل قال : نا الحميدي ، ثنا يحيى ، عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن عبد الله بن جعفر قال :

                    ولينا أبو بكر ، خير خليفة ، أرحمه بنا ، وأحناه علينا .

                    قول علي بن الحسين

                    2460 - أنا علي بن محمد بن أحمد بن يعقوب قال : نا أحمد بن سعدان قال : نا عبد الله الضرير والمعروف بأبي العيناء محمد بن القاسم قال : نا يعقوب بن محمد الزهري ، عن ابن أبي حازم ، عن أبيه قال :

                    قيل لعلي بن الحسين : كيف كانت منزلة أبي بكر وعمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : كمنزلتهما اليوم وهما ضجيعاه .

                    2461 - أنا محمد بن الحسين الفارسي قال : نا أحمد بن محمد بن مخلد قال : نا عبد الله بن شبيب بن خالد قال : نا يحيى العتكي قال : قال هارون الرشيد لمالك :

                    كيف كان منزلة أبي بكر وعمر من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : كقرب قبرهما من قبره بعد وفاته . قال : شفيتني يا مالك .

                    قول محمد بن علي بن الحسين .

                    2462 - أنا محمد بن رزق الله ، وعبيد الله بن محمد قالا : أنا عبد الصمد بن علي قال : نا محمد بن غالب قال : نا محمد بن الصباح قال :

                    [ ص: 1379 ] نا أبو عقيل ، يعني يحيى الحذاء ، عن كثير النواء قال :

                    قلت لأبي جعفر محمد بن علي : جعلني الله فداك ، أرأيت أبا بكر وعمر هل ظلماكم من حقكم من شيء أو ذهبا به ؟ قال : لا والذي أنزل الفرقان على عبده ليكون للعالمين نذيرا ، ما ظلمانا من حقنا شيئا . قال : قلت : جعلني الله فداك ، فأتولاهما ؟ قال : ويحك تولهما ، لعن الله مغيرة وبيانا؛ فإنهما كذبا علينا أهل البيت .

                    2463 - أنا عبد الرحمن بن عمر - إجازة - قال : أنا محمد بن أحمد بن يعقوب قال : نا يعقوب قال : نا يزيد بن هارون قال : أنا شريك قال : ونا محمد بن سعيد الأصبهاني قال : نا شريك ، عن جابر قال : قلت لأبي جعفر : جعلت فداك ، هل كان أحد منكم تبرأ من أبي بكر وعمر ؟ وفي حديث ابن الأصبهاني : يسب أبا بكر وعمر . قال : لا . ثم قال : أحبهما واستغفر لهما وتولاهما .

                    قول جعفر بن محمد

                    2464 - أنا عبيد الله بن محمد ، أنا جعفر بن محمد بن عمر ، وقال : نا محمد بن الحسين الحنيني قال : نا عبد العزيز بن محمد ، يعني الأزدي قال : نا حفص قال : سمعت جعفر بن محمد يقول :

                    ما يسرني بشفاعة أبي بكر رضي الله عنه هذا العمود ذهبا ، يعني سارية من سواري المسجد .

                    2465 - أنا القاسم بن جعفر قال : أنا محمد بن أحمد بن حماد قال : نا علي بن حرب قال : نا ابن فضيل قال : نا سالم بن أبي حفصة قال : قال جعفر بن محمد : أبو بكر جدي ، فيسب الرجل جده ؟ لا نالتني شفاعة محمد إن لم [ ص: 1380 ] أكن أتولاهما ، وأبرأ من عدوهما .

                    2466 - وأنا عبد الرحمن بن عمر - إجازة - قال : أنا محمد بن أحمد بن يعقوب قال : نا يعقوب قال : نا أبو النضر ، وسريج بن النعمان قالا : نا محمد بن طلحة بن مصرف ، عن خلف بن حوشب ، عن سالم بن أبي حفصة قال :

                    دخلت على جعفر بن محمد وهو مريض فأراه قال من أجلي : اللهم إني أحب أبا بكر وعمر وأتولاهما ، اللهم إن كان لي ، يعني خلاف هذا ، فلا نالتني شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة .

                    2467 - وأنا عبيد الله بن محمد قال : نا محمد بن عمرو قال : نا محمد بن الحسن الكوفي قال : نا عبد العزيز بن محمد الأزدي قال : نا جعفر بن غياث قال : سمعت جعفر بن محمد يقول : ما أرجو من شفاعة علي شيئا إلا وأنا أرجو من شفاعة أبي بكر مثله ، ولقد ولدني مرتين قلت : معنى هذا الكلام أن أبا بكر جده مرتين؛ وذلك أن أم جعفر بن محمد هي أم فروة بنت القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق ، وهي زوجة أبيه محمد بن علي بن الحسين ، وأم أم فروة هي أسماء بنت عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق ، فأبو بكر جده من وجهين .

                    قول زيد بن علي في أبي بكر .

                    2468 - أنا أحمد بن عبد الله بن الخضر قال : نا محمد بن عبد الله قال : نا أحمد بن بشر قال : نا أحمد بن عمران قال : حدثني ابن فضيل قال : نا عمار بن رزيق ، عن هشام بن يزيد ، عن زيد بن علي قال :

                    [ ص: 1381 ] أبو بكر الصديق إمام الشاكرين ، ثم قرأ : وسيجزي الله الشاكرين .

                    2469 - أنا محمد بن الحسين بن يعقوب قال : نا عثمان بن أحمد قال : نا إسحاق بن إبراهيم بن . . . ، قال : نا سريج بن يونس قال : نا علي بن هشام ، عن هشام بن الزبير ، عن زيد بن علي قال : البراءة من أبي بكر وعمر البراءة من علي عليه السلام . قول عبد الله بن الحسن بن الحسن

                    2470 - أنا عبد الرحمن بن عمر إجازة ، قال : أنا محمد بن أحمد بن يعقوب قال : نا جدي قال : نا يعلى بن عبيد قال : نا أبو خالد ، يعني الأحمر قال : سئل عبد الله بن الحسن عن أبي بكر وعمر ، فقال : صلى الله عليهما ، ولا صلى على من لا يصلي عليهما .

                    2471 - أنا محمد بن الحسين بن يعقوب ، أنا دعلج بن أحمد ، نا أحمد بن علي ، ثنا أحمد بن هشام الرملي ، ثنا ضمرة ، عن ابن شوذب ، عن ليث بن أبي سليم قال : أدركت الشيعة الأولى ما يفضلون على أبي بكر وعمر أحدا .

                    2472 - أنا محمد بن عبد الرحمن قال : نا أحمد بن سليمان الطوسي قال : نا الزبير بن بكار قال : حدثني رجل ، عن عبد الرحمن بن موسى بن عبد الله قال : حدثني محمد بن القاسم مولى هاشم قال :

                    بلغ عائشة أن أناسا يتناولون أبا بكر ، فبعثت إلى أزفلة منهم ، فلما حضروا سدلت أستارها ، ثم دنت ، فحمدت الله وأثنت عليه ، وصلت على نبيها صلى الله عليه وسلم ، وعذلت وقرعت ، وقالت : أبي وما أبيه أبي ، والله لا [ ص: 1382 ] تعطوه الأيدي ذاك طود منيف ، وفرع مديد ، هيهات كذبت الظنون ، أنجح إذ كذبتم ، وسبق إذ ونيتم سبق الجواد إذا استولى على الأمد ، فتى قريش ناشئا ، وكهفها كهلا ، يفك عانيها ، ويريش مملقها ، ويرأب شعثها ، حتى حلته قلوبها ، ثم استشرى في دينه ، فما برحت شكيمته في ذات الله حتى اتخذ بفنائه مسجدا ، يحيي فيه ما أماته المبطلون؛ فكان رحمة الله عليه غزير الدمعة ، وقيد الجوارح ، شجي النشيج ، فانقصفت إليه نسوان مكة وولدانها يسخرون منه ويستهزئون به ، الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون ، فأكبرت ذلك رجالات قريش ، فحنت له قسيها ، وفوقت له سهامها ، وامتثلوه غرضا ، فما فلوا له سيفا ، ولا وصفوا له قناة ، ومر على سيسبائه ، حتى إذا ضرب الدين بجرانه ، وألقى بركته ، وأرسيت أوتاده ، ودخل الناس فيه أفواجا ، ومن كل فرقة أشتاتا وأرسالا ، اختار الله لنبيه ما عنده ، فلما قبض الله نبيه صلى الله عليه وسلم نصب الشيطان رواقه ، ومد طنبه ، ونصب حبائله ، وأجلب عليهم بخيله ورجله ، فظن رجال أن قد تحققت أطماعهم ، ولات حين يرجون ، وأنى والصديق بين أظهرهم ، فقام حاسرا مشمرا ، فجمع حاشيته ، فرد بشير الإسلام على غربة ، ولم شعثه بطيه ، وأقام أوده بثقافه ، فابدعر النفاق بوطأته ، وانتاش الدين فنعشه ، فلما راح الحق على أهله ، وأقر الرؤوس على كواهلها ، وحقن الدماء في أهبها أتته منيته ، فسد ثلمته بنظيره في الرحمة ، وشقيقه في السيرة والمعدلة ، ذاك ابن الخطاب ، لله أم حملت به ودرت عليه ، لقد أوحدت به ، ففنح الكفرة وذيحها ، وشرد الشرك شذر مذر ، وبعج الأرض وبخعها ، فقاءت أكلها ، ولفظت خبيثها ، ترأمه ويصدف عنها ، وتصدى له ويأباها ، ثم وزع فيها فيئها ، وودعها كما صحبها ، فأروني ماذا يرثون ؟ وأي يومي أبي تنقمون : يوم مقامه إذ عدل فيكم ، أو يوم ظعنه [ ص: 1383 ] وقد نظر لكم ؟ وأستغفر لي ولكم .

                    2473 - أنا محمد بن عبد الرحمن قال : نا أحمد بن سليمان الطوسي قال : نا الزبير بن بكار قال : نا أحمد بن محمد الأسدي ، عن محمد بن عبد الله الهاشمي ، عن أبي عبد الرحمن الأزدي قال : لما انقضى الجمل قامت عائشة ، فتكلمت ، فقالت : أيها الناس إني لي عليكم حرمة الأمومة ، وحق الموعظة ، لا يهمني إلا من عصى ربه ، قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم بين سحري ونحري ، وأنا إحدى نسائه في الجنة ، له ادخرني ربي ، وخصني من كل بضاعة ، والصواب : بضع ، ميز بي مؤمنكم من منافقكم ، وفي رخص لكم في صعيد الأقراء ، وأبي رابع أربعة من المسلمين ، وأول مسمى صديقا ، قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنه راض ، مطوقه . . . ، ثم اضطرب حبل الدين ، فأخذ بطرفيه ، وربق لكم أسلمه ، فوقذ النفاق ، وأغاض نبع الردة ، وأطفأ ما خبأت يهود ، وأنتم حينئذ جحظ تنتظرون الغدوة ، وتستمعون الصيحة ، فرأب الثأي ، وأوذم العطلة ، وامتاح من المهواة ، واجتهد دفن الرواء ، فقبض والله واطيا على هامة النفاق ، مذكيا نار الحرب للمشركين ، يقظان في نصرة الإسلام ، صفوحا عن الجاهلين .

                    التالي السابق


                    الخدمات العلمية