الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
الرواية من الأصل .


( 627 ) وليرو من أصل أو المقابل به ولا يجوز بالتساهل      ( 628 ) مما به اسم شيخه أو أخذا
عنه لدى الجمهور وأجاز ذا      ( 629 ) أيوب والبرسان قد أجازه
ورخص الشيخ مع الإجازه      ( 630 ) وإن يخالف حفظه كتابه
وليس منه فرأوا صوابه      ( 631 ) الحفظ مع تيقن والأحسن
الجمع كالخلاف ممن يتقن

الفصل الثاني ( الرواية من الأصل ) أو الفرع المقابل ، ووجوب ذلك ، وما المعتمد من الحفظ والكتاب عند تخالفهما .

( وليرو ) المحدث إذا رام أداء شيء مما تحمله بالسماع أو القراءة أو غيرهما .

( من أصل ) تحمل منه ، ( أو ) من الفرع ( المقابل ) المقابلة المتقنة ( به ) أي : بالأصل ، وهو شرط ( ولا يجوز ) الأداء ( بالتساهل ) بأن يروي ( مما ) لم يكن سماعه منه ، ولو كان أصلا ( به اسم شيخه ) يعني سماعه ( أو ) كان فرعا ( أخذ عنه ) أي : عن الشيخ من ثقة من الثقات بحيث تسكن نفسه إلى صحته اعتمادا على مجرد ذلك ( لدى ) أي : عند ( الجمهور ) من المحدثين كما حكاه الخطيب ، وقطع به الإمام أبو نصر بن الصباغ الفقيه في الصورة الثانية فقط .

حكاه ابن الصلاح عنه بلاغا ، وعلله ابن الصلاح بأنه لا يؤمن أن يكون في كل منهما زوائد ليست في نسخة سماعه .

( و ) لكن قد ( أجاز ذا ) [ ص: 135 ] أي : الأداء من كليهما ( أيوب ) بن أبي تميمة السختياني .

( و ) كذا أبو عثمان أو أبو عبد الله محمد بن بكر ( البرسان ) بضم الموحدة ، وسين مهملة ، مع حذف ياء النسبة ، نسبة لقبيلة من الأزد ، البصري ( قد أجازه ) أيضا ترخصا منهما .

قال الخطيب : ( والذي يوجبه النظر أنه متى عرف أن الأحاديث التي تضمنتها النسخة هي التي سمعها من الشيخ ; جاز له أن يرويها إذا سكنت نفسه إلى صحة النقل والسلامة من دخول الوهم لها ، وهو موافق لما تقدم عنه في المقابلة من جواز الرواية من فرع كتب من أصل معتمد مع كونه لم يقابل ، لكن بشرط البيان لذلك حين الرواية ، وإلى ما ذهب إليه أيوب والبرساني جنح ابن كثير من المتأخرين ) .

( و ) كذا ( رخص ) فيه أيضا ( الشيخ ) ابن الصلاح لكن ( مع ) وقوع ( الإجازه ) من المسمع له بذلك الكتاب ، أو بسائر مروياته التي تقدم أنه لا غناء في كل سماع عنها احتياطا ; ليقع ما يسقط في السماع على وجه السهو وغيره من كلمة فأكثر مرويا بالإجازة .

قال : ( وليس فيه حينئذ أكثر من رواية تلك الزيادات بالإجازة بلفظ " أنا أو : ثنا " من غير بيان للإجازة فيها ، والأمر في ذلك قريب يقع مثله في محل التسامح ، فإن كان الذي في النسخة سماع شيخ شيخه ، أو هي مسموعة على شيخ شيخه ، أو مروية عن شيخ شيخه ، فينبغي له حينئذ في روايته منها أن تكون [ ص: 136 ] له إجازة شاملة من شيخه ، ولشيخه إجازة شاملة من شيخه ) .

قال : ( وهذا تيسر حسن - هدانا الله ولله الحمد له - والحاجة إليه ماسة في زماننا جدا ) . يعني لمزيد التوسع والتساهل فيه ، بناء على أن المطلوب بقاء السلسلة خاصة ، حتى إنه صار - كما قال ابن الصلاح - بمجرد قول الطالب للشيخ : هذا الكتاب أو الجزء من روايتك . يمكنه من قراءته من غير تثبت ولا نظر في النسخة ولا تفقد طبقة سماع ، وما أشبه ذلك من البحث الذي يؤدي إلى حصول الثقة بصحة أصل السماع فضلا عن المسموع .

( وإن يخالف حفظه كتابه ) وقلنا بالمعتمد من الاكتفاء في الرواية بكتابه المتقن المحفوظ عنده ، ولو لم يكن حافظا ، فإن كان إنما حفظ من كتابه ، فليرجع إليه ولو اختلف المعنى ، ( و ) إن يكن ( ليس ) حفظ ( منه ) وإنما حفظ من فم المحدث أو من القراءة عليه .

( فقد رأوا ) أي : أهل الحديث ( صوابه الحفظ ) ; أي : اعتماد الحفظ إذا كان ( مع تيقن ) وتثبت في حفظه ، أما مع الشك أو سوء الحفظ فلا ، ( والأحسن ) مع تيقن ( الجمع ) بينهما فيقول : حفظي كذا وكتابي كذا . كما فعل همام وقد روى حديث أنه صلى الله عليه وسلم اشترى حلة بسبع وعشرين ناقة . فقال : هكذا في حفظي ، وفي كتابي ثوبين .

هذا مع عدم التنافي بينهما ، فالحلة لا تسمى كذلك إلا أن تكون ثوبين من جنس واحد ، وفعله شعبة حيث روى حديث ابن مسعود في التشهد : ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم . وقال : هكذا في حفظي ، وهو ساقط في كتابي في آخرين من الحفاظ .

وذلك ( كالخلاف ممن يتقن ) من الحفاظ له فيما حفظه حيث يحسن فيه أيضا - كما كان الثوري وشعبة وغيرهما يفعلون - بيان الأمرين معا ، فيقول : [ ص: 137 ] في حفظي كذا وكذا ، وقال فيه فلان كذا وكذا ، أو نحو ذلك .

بل قيل لشعبة حين حدث بحديث مرفوع قال : إنه في حفظه كذلك ، وفي زعم فلان وفلان خلافه - : يا أبا بسطام ، حدثنا بحفظك ودعنا من فلان وفلان . فقال : ما أحب أن عمري في الدنيا عمر نوح ، وأني حدثت بهذا وسكت عن هذا .

وربما ذكر ما قد يترجح به أحد القولين ، كقوله : وقال فيه فلان وكان أحفظ مني وأكثر مجالسة لشيخه مني .

التالي السابق


الخدمات العلمية