الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب

                                                                                                                                                                                                                                      الذين آمنوا بدل ممن أناب، فإن أريد بالهداية الهداية المستمرة، فالأمر ظاهر لظهور كون الإيمان مؤديا إليها. وإن أريد إحداثها، فالمراد: "بالذين آمنوا" الذين صار أمرهم إلى الإيمان. كما في قوله تعالى: " هدى للمتقين " أي: الصائرين إلى التقوى، وإلا فالإيمان لا يؤدي إلى الهداية نفسها، أو خبر مبتدأ محذوف، أي: هم الذين آمنوا. أو منصوب على المدح. وتطمئن قلوبهم أي: تستقر وتسكن بذكر الله بكلامه المعجز الذي لا ريب فيه، كقوله تعالى: " وهذا ذكر مبارك أنزلناه " وقوله: " إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون " ويعلمون أن لا أعظم منه فيقترحوها، والعدول إلى صيغة المضارع لإفادة دوام الاطمئنان، وتجدده حسب تجدد الآيات، وتعددها ألا بذكر الله وحده تطمئن القلوب دون غيره من الأمور التي تميل إليها النفوس من الدنياويات، وهذا ظاهر. وأما سائر المعجزات فالقصر من حيث إنها ليست في إفادة الطمأنينة بالنسبة إلى من لم يشاهدها، بمثابة القرآن المجيد. فإنه معجزة باقية إلى يوم القيامة، يشاهدها كل أحد، ، وتطمئن به القلوب كافة، وفيه إشعار بأن الكفرة ليست لهم قلوب، وأفئدتهم هواء حيث لم يطمئنوا بذكر الله تعالى ، ولم يعدوه آية وهو أظهر الآيات، وأبهرها. وقيل: تطمئن قلوبهم بذكر رحمته، ومغفرته بعد القلق، والاضطراب من خشيته، كقوله تعالى: " ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله "، أو بذكر دلائله الدالة على وحدانيته، أو بذكره جل وعلا أنسا به، وتبتلا إليه. فالمراد بالهداية: دوامها واستمرارها.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية