الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            باب الحجر على المدين وبيع ماله في قضاء دينه [ ص: 292 ] عن كعب بن مالك { أن النبي صلى الله عليه وسلم حجر على معاذ ماله وباعه في دين كان عليه } رواه الدارقطني ) .

                                                                                                                                            2315 - ( وعن عبد الرحمن بن كعب قال : { كان معاذ بن جبل شابا سخيا ، وكان لا يمسك شيئا ، فلم يزل يدان حتى أغرق ماله كله في الدين ، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فكلمه ليكلم غرماءه ، فلو تركوا لأحد لتركوا لمعاذ لأجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فباع رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم ماله حتى قام معاذ بغير شيء } رواه سعيد في سننه هكذا مرسلا )

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            حديث كعب أخرجه أيضا البيهقي والحاكم وصححه ، ومرسل عبد الرحمن بن كعب أخرجه أيضا أبو داود وعبد الرزاق قال عبد الحق : المرسل أصح وقال ابن الطلاع في الأحكام : هو حديث ثابت ، وقد أخرج الحديث الطبراني ، ويشهد له ما عند مسلم وغيره من حديث أبي سعيد قال : { أصيب رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم } وقد تقدم وقد استدل بحجره صلى الله عليه وسلم على معاذ أنه يجوز الحجر على كل مديون ، وعلى أنه يجوز للحاكم بيع مال المديون لقضاء دينه من غير فرق بين ما كان ماله مستغرقا بالدين ومن لم يكن ماله كذلك وقد حكى صاحب البحر هذا عن العترة والشافعي ومالك وأبي يوسف ومحمد ، وقيدوا الجواب بطلب أهل الدين للحجر من الحاكم وروي عن الشافعي أنه يجوز قبل الطلب للمصلحة

                                                                                                                                            وحكى في البحر أيضا عن زيد بن علي والناصر وأبي حنيفة أنه لا يجوز الحجر على المديون ولا بيع ماله بل يحبسه الحاكم حتى يقضي واستدل لهم بقوله صلى الله عليه وسلم : { لا يحل مال امرئ مسلم } الحديث وهو مخصص بحديث معاذ المذكور .

                                                                                                                                            وأما ما ادعاه إمام الحرمين حاكيا لذلك عن العلماء وتبعه الغزالي أن حجر معاذ لم يكن من جهة استدعاء غرمائه بل الأشبه أنه جرى باستدعائه ، فقال الحافظ : إنه خلاف ما صح من الروايات المشهورة ففي المراسيل لأبي داود التصريح بأن الغرماء التمسوا ذلك قال : وأما ما رواه الدارقطني { أن معاذا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمه ليكلم غرماءه } فلا حجة فيه أن ذلك لالتماس الحجر ، وإنما فيه طلب معاذ الرفق منهم ، وبهذا تجتمع الروايات انتهى

                                                                                                                                            وقد روي الحجر على المديون وإعطاء الغرماء ماله من فعل عمر كما في الموطإ والدارقطني وابن أبي شيبة والبيهقي وعبد الرزاق ، ولم ينقل أنه أنكر ذلك عليه أحد من الصحابة




                                                                                                                                            الخدمات العلمية