الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
القول في تأويل قوله ( وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها حتى إذا جاءوك يجادلونك يقول الذين كفروا إن هذا إلا أساطير الأولين ( 25 ) )

قال أبو جعفر : يقول - تعالى ذكره - : وإن ير هؤلاء العادلون بربهم الأوثان والأصنام ، الذين جعلت على قلوبهم أكنة أن يفقهوا عنك ما يسمعون منك " كل آية " يقول : كل حجة وعلامة تدل أهل الحجا والفهم على توحيد الله وصدق قولك وحقيقة نبوتك " لا يؤمنوا بها " يقول : لا يصدقون بها ، ولا يقرون بأنها دالة على ما هي عليه دالة " حتى إذا جاءوك يجادلونك " يقول : حتى إذا صاروا إليك بعد معاينتهم الآيات الدالة على حقيقة ما جئتهم به " يجادلونك " يقول : يخاصمونك " يقول الذين كفروا " يعني بذلك : الذين جحدوا آيات الله وأنكروا حقيقتها ، يقولون لنبي الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سمعوا حجج الله التي احتج بها عليهم ، وبيانه الذي بينه لهم " إن هذا إلا أساطير الأولين " أي : ما هذا إلا أساطير الأولين .

و " الأساطير " جمع " إسطارة " و " أسطورة " مثل " أفكوهة " و " أضحوكة " وجائز أن يكون الواحد " أسطارا " مثل " أبيات " و " أبابيت " و " أقوال وأقاويل " من قول الله - تعالى ذكره - : وكتاب مسطور ، [ سورة الطور : 2 ] . من : " سطر يسطر سطرا " . [ ص: 309 ]

فإذ كان من هذا : فإن تأويله : ما هذا إلا ما كتبه الأولون .

وقد ذكر عن ابن عباس وغيره أنهم كانوا يتأولونه بهذا التأويل ، ويقولون : معناه : إن هذا إلا أحاديث الأولين .

13156 - حدثني بذلك المثنى بن إبراهيم قال : حدثنا عبد الله بن صالح قال حدثني معاوية ، عن علي بن أبي طلحة ، عن ابن عباس .

13157 - حدثني محمد بن الحسين قال : حدثنا أحمد بن مفضل قال : حدثنا أسباط ، عن السدي ، أما " أساطير الأولين " فأساجيع الأولين .

وكان بعض أهل العلم وهو أبو عبيدة معمر بن المثنى بكلام العرب يقول : " الإسطارة " لغة ، ومجازها مجاز الترهات .

وكان الأخفش يقول : قال بعضهم : واحده " أسطورة " . وقال بعضهم : " إسطارة " . قال : ولا أراه إلا من الجمع الذي ليس له واحد ، نحو " العباديد " و " المذاكير " و " الأبابيل " . قال : وقال بعضهم : واحد " الأبابيل " " إبيل " وقال بعضهم : " إبول " مثل " عجول " ولم أجد العرب تعرف له واحدا ، وإنما هو مثل " عباديد " لا واحد لها . وأما " الشماطيط " فإنهم يزعمون [ ص: 310 ] أن واحده " شمطاط " . قال : وكل هذه لها واحد ، إلا أنه لم يستعمل ولم يتكلم به ، لأن هذا المثال لا يكون إلا جميعا . قال : وسمعت العرب الفصحاء تقول : " أرسل خيله أبابيل " تريد جماعات ، فلا تتكلم بها بواحدة . وكانت مجادلتهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي ذكرها الله في هذه الآية ، فيما ذكر ، ما : -

13158 - حدثني به محمد بن سعد قال حدثني أبي قال حدثني عمي قال حدثني أبي ، عن أبيه ، عن ابن عباس قوله : " حتى إذا جاءوك يجادلونك " الآية ، قال : هم المشركون ، يجادلون المسلمين في الذبيحة ، يقولون : " أما ما ذبحتم وقتلتم فتأكلون ، وأما ما قتل الله فلا تأكلون ! وأنتم تتبعون أمر الله - تعالى ذكره - " !

التالي السابق


الخدمات العلمية