الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              83 [ ص: 421 ] 23 - باب: الفتيا

                                                                                                                                                                                                                              وهو واقف على الدابة وغيرها

                                                                                                                                                                                                                              83 - حدثنا إسماعيل قال: حدثني مالك، عن ابن شهاب، عن عيسى بن طلحة بن عبيد الله، عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقف في حجة الوداع بمنى للناس يسألونه، فجاءه رجل فقال: لم أشعر، فحلقت قبل أن أذبح؟ فقال: " اذبح ولا حرج". فجاء آخر فقال: لم أشعر، فنحرت قبل أن أرمي؟ قال: "ارم ولا حرج". فما سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن شيء قدم ولا أخر إلا قال: "افعل ولا حرج". [124، 1736، 1737، 1738، 6665 مسلم: 1306 - فتح: 1 \ 180]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              حدثنا إسماعيل حدثني مالك، عن ابن شهاب، عن عيسى بن طلحة بن عبيد الله، عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقف في حجة الوداع بمنى للناس يسألونه، فجاءه رجل فقال: لم أشعر، فحلقت قبل أن أذبح؟ فقال: "اذبح ولا حرج". فجاء آخر فقال: لم أشعر، فنحرت قبل أن أرمي؟ قال: "ارم ولا حرج". فما سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن شيء قدم ولا أخر إلا قال: "افعل ولا حرج".

                                                                                                                                                                                                                              الكلام عليه من أوجه:

                                                                                                                                                                                                                              أحدها:

                                                                                                                                                                                                                              هذا الحديث أخرجه البخاري أيضا قريبا عن أبي نعيم، عن عبد العزيز، عن الزهري به. وأخرجه في الحج عن عبد الله بن يوسف، عن مالك، وعن سعيد بن يحيى، عن أبيه، عن ابن جريج، عن الزهري به.

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 422 ] وأخرجه مسلم في المناسك من طرق، منها: عن يحيى بن يحيى، عن مالك .

                                                                                                                                                                                                                              ثانيها: في التعريف برجاله:

                                                                                                                                                                                                                              وقد سلف التعريف بهم خلا عيسى وهو: أبو محمد عيسى بن طلحة بن عبيد الله القرشي، تابعي، ثقة، كثير الحديث من أفاضل أهل المدينة وعقلائهم أخو موسى ومحمد، مات سنة مائة.

                                                                                                                                                                                                                              ثالثها:

                                                                                                                                                                                                                              مراد البخاري بهذا التبويب الاستدلال على جواز سؤال العالم وإن كان مشتغلا، راكبا وماشيا وواقفا وعلى كل أحواله ولو كان في طاعة، ولم يذكر هنا أنه كان على دابة; ليطابق ما بوب عليه لكنه ذكره في الحج، وفيه أنه كان على ناقته عندما سئل.

                                                                                                                                                                                                                              رابعها:

                                                                                                                                                                                                                              ذكر البخاري في روايته هنا أنه كان إذ ذاك بمنى، وذكر في موضع آخر أن ذاك (كان) حال (خطبته) يوم النحر، وفي موضع آخر: رأيته عند الجمرة; فيحتمل أن تكون الواقعة واحدة، وأن تكون متعددة بأن يكون السؤال وقع مرة عند الجمرة ومرة عند الخطبة، وللبخاري في [ ص: 423 ] موضع آخر من حديث ابن عباس : رميت بعدما أمسيت. قال: "لا حرج". وهو دال على تعدد السؤال.

                                                                                                                                                                                                                              خامسها:

                                                                                                                                                                                                                              معنى (لم أشعر): لم أفطن، والحرج هنا: الإثم. أي: لا إثم عليك فيما فعلت، وهو إجازة له أيضا.

                                                                                                                                                                                                                              سادسها:

                                                                                                                                                                                                                              وظائف يوم النحر أربعة أشياء: رمي جمرة العقبة، ثم النحر، ثم الحلق، ثم طواف الإفاضة، هذا هو السنة في ترتيبها، فإن خالف صح ولا شيء عليه، ويروى عن الحسن وجماعة وجوب الدم وهو شاذ، وانفرد ابن الجهم المالكي فقال: القارن لا يجوز له الحلق قبل الطواف.

                                                                                                                                                                                                                              ومنع مالك وأبو حنيفة من تقديم الحلق على الرمي، ولأصحابنا وجه مثله منع من تقديم الحلق على الرمي والطواف معا بناء على أنه استباحة محظور، وعن أحمد أنه إذا قدم بعض هذه الأشياء على بعض لا شيء عليه إن كان جاهلا وإن كان عالما ففي وجوب الدم روايتان. وقال ابن الماجشون فيمن حلق قبل الذبح بوجوب الفدية. وسيكون لنا عودة إلى الخوض في ذلك قريبا، وفي كتاب الحج إن شاء الله تعالى ذلك وقدره، وقد بسطت القول فيه في "شرح [ ص: 424 ] العمدة" نفع الله به.

                                                                                                                                                                                                                              والفتيا والفتوى: الاسم، ولم يجئ من المصادر على فعلى غير الفتيا والرحبى وبقيا ولقيا.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية