الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            منزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الفتح

            روى محمد بن عمر عن أبي جعفر - رحمه الله تعالى - قال : كان أبو رافع قد رب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبة بالحجون من أدم ، فأقبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى انتهى إلى القبة ، ومعه أم سلمة ، وميمونة زوجتاه .

            وروى البخاري وغيره عن أسامة بن زيد - رضي الله عنهما - أنه قال : يا رسول الله : أنى تنزل غدا ؟ تنزل في دارك ؟ قال : «وهل ترك لنا عقيل من رباع أو دار ؟

            ثم قال : " لا يرث المؤمن الكافر ولا الكافر المؤمن وكان عقيل ورث أبا طالب هو وأخوه طالب ، ولم يرثه جعفر ولا علي - رضي الله عنهما - لأنهما كانا مسلمين ، وكان عقيل وطالب كافرين ، أسلم عقيل بعد .

            وروى البخاري ، والإمام أحمد عن أبي هريرة - رضي الله عنه - : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : «منزلنا إن شاء الله تعالى إذا فتح الله بخيف بني كنانة حيث تقاسموا على الكفر”

            يعني بذلك المحصب ، وذلك أن قريشا وكنانة تحالفت على بني هاشم ، وبني المطلب أن لا يناكحوهم ولا يبايعوهم حتى يسلموا إليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم .

            وروى محمد بن عمر عن أبي رافع - رضي الله عنه - قال : قيل للنبي - صلى الله عليه وسلم - ألا تنزل منزلك من الشعب ؟ فقال : «وهل ترك لنا عقيل منزلا ؟ ” وكان عقيل قد باع منزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومنزل إخوته من الرجال والنساء بمكة ، فقيل لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فانزل في بعض بيوت مكة غير منازلك ، فأبى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال : «لا أدخل البيوت” ولم يزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مضطربا بالحجون لم يدخل بيتا ، وكان يأتي المسجد لكل صلاة من الحجون . الحكمة في نزول النبي - صلى الله عليه وسلم - بخيف بني كنانة الذي تقاسموا فيه على الشرك ، أي تحالفوا عليه من إخراج النبي - صلى الله عليه وسلم - وبني هاشم إلى شعب أبي طالب ، وحصروا بني هاشم وبني المطلب فيه ، كما تقدم ذلك في أبواب البعثة ، ليتذكر ما كان فيه من الشدة فيشكر الله - تعالى - علي ما أنعم عليه من الفتح العظيم ، وتمكنه من دخول مكة ظاهرا على رغم من سعى في إخراجه منها ، ومبالغة في الصفح عن الذين أساءوا ، ومقابلتهم بالمن والإحسان ، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية