الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            مبايعته - صلى الله عليه وسلم - الناس على الإسلام

            ثم جلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للبيعة على الصفا وعمر بن الخطاب تحته ، واجتمع الناس لبيعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الإسلام ، فكان يبايعهم على السمع والطاعة لله ولرسوله فيما استطاعوا ، فكانت هذه بيعة الرجال .

            وأما بيعة النساء ، فإنه لما فرغ من الرجال بايع النساء ، فأتاه منهن نساء من نساء قريش ، منهن أم هانئ بنت أبي طالب ، وأم حبيب بنت العاص بن أمية ، وكانت عند عمرو بن عبد ود العامري ، وأروى بنت أبي العيص عمة عتاب بن أسيد ، وأختها عاتكة بنت أبي العيص ، وكانت عند المطلب بن أبي وداعة السهمي ، وأمه بنت عفان بن أبي العاص أخت عثمان ، وكانت عند سعد حليف بني مخزوم ، وهند بنت عتبة ، وكانت عند أبي سفيان ، ويسيرة بنت صفوان بن نوفل بن أسد بن عبد العزى ، وأم حكيم بنت الحارث بن هشام ، وكانت عند عكرمة بن أبي جهل ، وفاختة بنت الوليد بن المغيرة أخت خالد ، وكانت عند صفوان بن أمية بن خلف ، وريطة بنت الحجاج ، وكانت عند عمرو بن العاص في غيرهن وروى الإمام أحمد ، والبيهقي عن الأسود بن خلف - رضي الله تعالى عنه - أنه رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبايع الناس يوم الفتح . قال : جلس عند قرن مسفلة ، فبايع الناس على الإسلام فجاءه الكبار والصغار ، والرجال والنساء ، فبايعهم على الإيمان بالله - تعالى - وشهادة أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله .

            وقال الحافظ أبو جعفر محمد بن جرير - رحمه الله تعالى - : اجتمع الناس بمكة لبيعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الإسلام ، فجلس لهم - فيما بلغني - على الصفا ، وعمر بن الخطاب أسفل من مجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخذ على الناس السمع والطاعة لله ولرسوله فيما استطاعوا ، فلما فرغ من بيعة الرجال بايع النساء وفيهن هند بنت عتبة ، امرأة أبي سفيان متنقبة متنكرة خوفا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يخبرها بما كان من صنيعها بحمزة ، فهي تخاف أن يأخذها بحدثها ذلك ، فلما دنين من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : «بايعنني على ألا تشركن بالله شيئا” فرفعت هند رأسها وقالت : والله إنك لتأخذ علينا ما لا تأخذه على الرجال فقال : «ولا تسرقن” فقالت : والله إني كنت أصبت من مال أبي سفيان الهنة بعد الهنة ، وما كنت أدري أكان ذلك حلالا أم لا ؟ فقال أبو سفيان : - وكان شاهدا لما تقول - أما ما أصبت فيما مضى فأنت منه في حل - عفا الله عنك - ثم قال : «ولا تزنين” فقالت : يا رسول الله : أو تزني الحرة ؟ ! ثم قال : «ولا تقتلن أولادكن” قالت : قد ربيناهم صغارا وقتلتهم كبارا ، فأنت وهم أعلم ، فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعمر ، ثم قال : «ولا تأتين ببهتان تفترينه بين أيديكن وأرجلكن” فقالت : والله إن إتيان البهتان لقبيح ولبعض التجاوز أمثل ، ثم قال : «ولا تعصين” فقالت : في معروف فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لعمر : «بايعهن واستغفر لهن الله إن الله غفور رحيم” فبايعهن عمر ، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم . لا يصافح النساء ولا يمس جلد امرأة لم يحلها الله - تعالى - له أو ذات محرم وروى الشيخان عن عائشة رضي الله عنها قالت لا والله ما مست يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يد امرأة قط وفي رواية ما كان يبايعهن إلا كلاما ويقول إنما قولي لامرأة واحدة كقولي لمائة امرأة . وفي " الصحيحين " عن عائشة ، أن هند بنت عتبة امرأة أبي سفيان أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله ، إن أبا سفيان رجل شحيح ، لا يعطيني من النفقة ما يكفيني ويكفي بني ، فهل علي من حرج إذا أخذت من ماله بغير علمه ؟ قال : " خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك .

            وروى البيهقي ، من طريق يحيى بن بكير ، عن الليث ، عن يونس ، عن ابن شهاب ، عن عروة ، عن عائشة ، أن هند بنت عتبة قالت : يا رسول الله ، ما كان مما على وجه الأرض أخباء أو أهل خباء - الشك من ابن بكير - أحب إلي من أن يذلوا من أهل أخبائك - أو خبائك - ثم ما أصبح اليوم على ظهر الأرض أهل أخباء - أو خباء - أحب إلي من أن يعزوا من أهل أخبائك - أو خبائك - . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " وأيضا والذي نفس محمد بيده " . قالت : يا رسول الله ، إن أبا سفيان رجل مسيك ، فهل علي حرج أن أطعم من الذي له ؟ قال : " لا ، إلا بالمعروف

            التالي السابق


            الخدمات العلمية