الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " ويجلس عند الكعبة وهي تجمر وإن مسها ولا يعلم أنها رطبة فعلق بيده طيب غسله فإن تعمد ذلك افتدى " .

                                                                                                                                            قال الماوردي : وأما جلوسه عند الكعبة وهي تجمر فمباح ، كجلوسه عند العطار ، وحضوره بيع الطيب ، فأما إذا مس خلوق الكعبة : وكان رطبا ، أو مس طيبا ، رطبا فعلى بيده فعلى ضربين :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يكون ناسيا لإحرامه فلا شيء عليه ، سواء علم أن الطيب رطب أو لا : لأن المتطيب ناسيا لا فدية عليه ، ويبادر إلى إزالة الطيب . من يده فإن لم يتم له مع قدرته على إزالته ، افتدى حينئذ لاستدامته لا لمسه .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن يكون عالما فله حالان :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يعلم أن الطيب رطب فعليه الفدية لأنه قاصد إلى استعمال الطيب .

                                                                                                                                            والثاني : أن يظن أن الطيب يابس ، ففي وجوب الفدية عليه قولان :

                                                                                                                                            أحدهما : وهو قوله في القديم : عليه الفدية لأنه قاصد إليه ، وتارك للتحرز بما هو قادر عليه .

                                                                                                                                            والقول الثاني : وهو قوله في الجديد - وهو الصحيح - لا فدية عليه : لأنه لم يقصد إلى ما تجب فيه الفدية ، ولا إلى ما لا يجوز له لأن مس الطيب اليابس جائز له فصار كالناسي والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية