الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        قال فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس ؛ و"أن لك"؛ ويجوز "لا مساس وأن لك"؛ بفتح الميم؛ وكسر السين الآخرة؛ على وزن "دراك"؛ و"تراك"؛ والتأويل أن موسى - عليه السلام - حرم مخالطة السامري ؛ فالمعنى: "إنك في الدنيا لا تخالط جزاء لفعلك".

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 375 ] فمن قرأ: "لا مساس"؛ بفتح السين الأخيرة؛ فهو منصوب على البدء به؛ ومن قال: "لا مساس"؛ فهو مبني على الكسر؛ وهو نفي؛ وقولك: "مساس"؛ أي: "مساس القوم تأمر بذلك"؛ فإذا قلت: "لا مساس"؛ فهو نفي ذلك؛ وبنيت "مساس"؛ على الكسر؛ وأصلها الفتح لمكان الألف؛ ولكن "مساس"؛ و"دراك"؛ مؤنث؛ فاختير الكسر لالتقاء الساكنين؛ لأنك تقول في المؤنث: "فعلت يا امرأة"؛ و"أعطيتك يا امرأة"؛ وإن لك موعدا لن تخلفه ؛ و"لن تخلفه"؛ فمن قرأ: "لن تخلفه"؛ فالمعنى: "يكافئك الله على ما فعلت في القيامة؛ والله لا يخلف الميعاد"؛ ومن قرأ: "لن تخلفه"؛ فالمعنى: "إنك تبعث؛ وتوافي يوم القيامة؛ لا تقدر على غير ذلك؛ ولن تخلفه".

                                                                                                                                                                                                                                        وقوله - عز وجل -: وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفا ؛ و"ظلت"؛ بفتح الظاء؛ وكسرها؛ فمن فتح فالأصل فيها "ظللت"؛ ولكن اللام حذفت لثقل التضعيف؛ والكسر؛ وبقيت الظاء على فتحها؛ ومن قرأ: "ظلت"؛ بالكسر؛ حول كسرة اللام على الظاء؛ وقد يجوز في غير المكسور؛ نحو: "أحست"؛ تريد: "أحسست"؛ وقد حكيت: "همت بذلك"؛ تريد: "هممت"؛ ومعنى "عاكف": مقيم؛ و"عاكفا"؛ منصوب؛ خبر "ظلت"؛ ليس بمنصوب على الحال.

                                                                                                                                                                                                                                        وقوله: لنحرقنه ؛ ويقرأ: "لنحرقنه"؛ أي: لنحرقنه بالنار؛ فإذا شدد فالمعنى: "نحرقه مرة بعد مرة"؛ وقرئت: "لنحرقنه"؛ وتأويله: لنبردنه بالمبرد؛ يقال: "حرقت؛ أحرق؛ وأحرق"؛ إذا بردت الشيء؛ ولم يقرأ: "لنحرقنه"؛ ولو قرئت كانت جائزة.

                                                                                                                                                                                                                                        [ ص: 376 ] وقوله - عز وجل - : ثم لننسفنه في اليم نسفا ؛ "اليم": البحر؛ و"النسف": التذرية.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية